للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢- فلسفة القصة١ للأستاذ مصطفى صادق الرافعي

لم أكتب في القصة٢ إلا قليلًا، إذا أنت أردت الطريقة الكتابية المصطلح على تسميتها بهذا الاسم، ولكني مع ذلك لا أراني وضعت كل كتبي ومقالاتي إلا في قصة بعنيها، هي قصة هذا العقل الذي في رأسي، وهذا القلب الذي بين جنبي..

أنا لا أعبأ بالمظاهر والأغراض التي يأتي بها يوم وينسخها يوم آخر، والقبلة التي أتجه إليها في الأدب إنما هي النفس الشرقية في دينها وفضائلها، فلا أكتب إلا ما يبعثها حية ويزيد في حياتها وسمو غايتها، ويمكّن لفضائلها وخصائصها في الحياة، ولذا لا أمس من الآداب كلها إلا نواحيها العليا؛ ثم إنه يخيل إلىّ دائمًا أني رسول لغوي بعثت للدفاع عن القرآن ولغته وبيانه، فأنا أبدًا في موقف الجيش "تحت السلاح": له ما يعانيه وما يلكفه وما يحاوله ويفي به، وما يتحاماه ويتحفظ فيه، وتاريخ نصره وهزيمته في أعماله دون سواها؛ وكيف اعترضت لجيش رأيته فنَّ نفسه، لا فنك أنت ولا فن سواك؛ إذ هو لطريقته وغايته وما يتأدى به للحياة والتاريخ.

ألا ترى أن تلك الروايات توضع قصصًا، ثم تقرأ فتبقى قصصًا؟ وإن هي صنعت شيئًا في قرائها لم تزد على ما تفعل المخدرات؛ تكون مسكنات عصبية


١ مصطفى صادق الرافعي: وحي القلم، دار الكتاب العربي، بيروت، د. ت، ج٣، ص٢٥٧، ٢٥٨.
٢ وجه إلينا سؤال: لماذا لا تكتب في القصة؟ وكان هذا قبل أن نكتب مقالاتنا في مجلة "الرسالة"، فرددنا بهذا الرد.

<<  <   >  >>