للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالزيادة فن عظيم من فنون الحديث، ومرجعه الى الاختلاف بالروايات، ومن الطبيعي أن يختلف الرواة في بعض الأحيان سندا أو متنا ولا غرابة في ذلك؛ اذ يبعد عادة أن يكون الجميع في مستوى واحد من الاهتمام والتيقظ والتثبت والدقة والضبط منذ تلقي الأحاديث من أصحابها الى حين أدائها، لأن المواهب متفاوتة فمنهم من بلغ أوج مراتب الثقات، ومنهم من هو في أدنى هذه المراتب، ومنهم من هو بين الحدين، وهذا الفريق على درجات متفاوتة، وهؤلاء الثقات كثيرا ما يشتركون في سماع الحديث من شيخ لهم، فاذا حدثوا به بعد فترة من الزمن في جملة من الأحاديث المسموعة من مصادر شتى فان مدى الاتفاق بينهم والاختلاف يتوقف على مقدار تيقظهم واهتمامهم ومذاكرتهم ودقتهم وحفظهم، وبما أنهم مختلفون في ذلك فانهم قد يختلفون في أداء الرواية، والزيادة لون من ألوان الاختلاف، وعليه فاذا زاد أحد الثقات في حديث شيئا ليس في حديث الآخرين، فما حكم هذه الزيادة؟ هذا ما سنتكلم عنه بايجاز فيما يأتي:

[حكم زيادة الثقة]

اختلف العلماء في حكم زيادة الثقة على أقوال كثيرة (١) ، أهمها ستة أقوال:

القول الأول: تقبل مطلقا: سواء تعلق بها حكم شرعي أم لا وسواء غير الحكم الثابت أم لا، وسواء أوجبت نقض أحكام ثبتت بخبر ليس هي فيه أم لا، وسواء أكانت من شخص واحد- بأن يروي مرة ناقصا ومرة بتلك الزيادة - أو كانت الزيادة قد رواها غيره ولم يروها هو.

وهذا مذهب جمهور الفقهاء والأصوليين، وجماعة من أهل الحديث (٢) .


(١) أوصلها الزركشي الى ثلاثة عشر قولا. البحر المحيط ٤/٣٣٢-٣٣٧
(٢) الكفاية ص٤٢٤، احكام الأحكام للآمدي ٢/٩٩، علوم الحديث ص٧٧، البحر المحيط ٤/٣٣١، شرح التبصرة ١/٢١١، المنهل ص٥٨، فتح المغيث ١/٢٠٠، تدريب الراوي ١/٢٠٥، احكام الأحكام لابن حزم ٢/٩٠-٩٦، شرح ألفية السيوطي ص٥٤، لمحات في أصول الحديث ص٢٩٧.

<<  <   >  >>