للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الجاهلية الأولى والجاهلية الثانية]

ثم يقول سعادته: "لأن زيارة القبور وإقامتها على وجه الأرض سوف لا يعيد الآن بحال، وضع الوثنية العربية الأولى على عهد الدعوة الإسلامية، ومن ثم لا وجه لخشية الشرك فضلاً عن وقوعه ممن يقيم القبر أو يزوره"١.

فانظر إلى أي حد يتجاهل دكتورنا الواقع الملموس، كأنه لا يرى ولا يسمع، وكأنه يعيش في دنيا البشر التي لا تزال في قرنها العشرين - قرن الذرة والصاروخ - تتمرغ في أوحال الوثنية على جميع صورها ومظاهرها.

والعجب أن يصدر هذا الكلام من رجل كان مسؤولاً في يوم من الأيام عن تلك القبور الشاهقة التي تزخر بها القاهرة وغيره من مدن مصر بل وقراها، ويعرف جيداً ما يُرتكب عندها وحولها من أفانين الشرك ولوثات الوثنية مما ذكرنا بعضه آنفاً.

فهل يستطيع سعادته أن يدلنا على شيء واحد كانت تفعله الوثنية العربية الأولى وليس موجوداً في تلك الجاهلية الثانية؟

أم إن سعادته يعتبر هذه الأعمال وثنية إذ تُقُرِّب بها إلى اللات والعزى ومناة وهبل، ولكنها تنقلب توحيداً إذا تُقُرِّب بها على المشايخ المقبورين.


١ انظر مشكوراً: الفكر الإسلامي في تطوره ص ٨١.

<<  <   >  >>