٢- قال تعالى:{رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[البقرة: ١٢٩] في أربع آيات كريمات، تكرَّرَ فيها عطفُ الحكمة على الكتاب (١) .
فالحكمة المعطوفة على الكتاب ـ هي السنة النبوية ـ وهي وحي منزل من عند الله تعالى بدلالة الآيات التاليات.
قال الله جل شأنه:{وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِه}[البقرة: ٢٣١]
وقال الله عز وجل:{وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً}[النساء: ١١٣]
فقول الله سبحانه وتعالى:{وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ} و {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} يدل على أن «الحكمة» منزَّلةٌ من عند الله عز وجل، كما هو الحال في الكتاب الكريم، لأنها معطوفةٌ عليه، ومقرونةٌ به، وكلاهما منزَّل.
ولا يصح أن يقال: إن «الحكمة» هنا هي «الكتاب» بدلالة قوله تعالى: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً}[الأحزاب: ٣٤]
فالكتابُ هو آيات الله عز وجل - في هذه الآية الكريمة - عُطفت عليها الحكمةُ، فدل اللفظ على التغاير، لكن كلاهما - أي الكتاب والحكمة-
(١) انظر: سورة البقرة (١٥١) وسورة آل عمران (١٦٤) وسورة الجمعة (٢) .