للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأعمى بصائر المنافقين لما أدبرت عن الدين فلم تجبه لما دعاها. فسبحانه من جبار عظيم لا يماثل ولا يضاهَى. فجل ربا وعز ملكا وتعالى إلها. أحمده سبحانه على نعمه التي لا تتناهى.

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة من عرف مدلولها لما تلاها.

وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي بين كلمة التوحيد لفظها ومعناها، وجاهد عليها بلسانه وسنانه حتى أقرها وحمى حماها. اللهم صل على محمد، وعلى آله وأصحابه الذين عضوا على سنته بالنواجذ، وتمسكوا بعراها، وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى وإياكم والتغافل والصدود؛ فإن أمامكم القبر، فاحذروا ضغطته ووحشته، وإن وراء ذلك ما هو أشد منه، يوم يشيب من هوله المولود. ألا وإن وراء ذلك ما هو أعظم منه، دار معدوم رجاؤها، محتوم بلاؤها، موحشة مسالكها، مظلمة مهالكها، مخلد أسيرها، مؤبد سعيرها، عال زفيرها. (طعام أهلها الزقوم) . ١ وشرابهم الحميم. وعذابهم أبدا فيها مقيم. الزبانية تقمعهم، والهاوية تجمعهم. لهم فيها بالويل ضجيج، وللهبها فيهم أجيج. أمانيهم فيها الهلاك، وما لهم من أسرها فكاك. قد شدت أقدامهم إلى النواصي، واسودت وجوههم من ذل المعاصي، ينادون من فجاجها وشعابها بكيا من ترادف عذابها: يا مالك قد أثقلنا الحديد. يا مالك قد نضجت منا الجلود. يا مالك قد ٢ تفلذت منا الكبود. يا مالك العدم خير من هذا الوجود. يا مالك أخرجنا منها فإنا


١ ما بين القوسين ساقط من طبعة أم القرى , وعبارتها: "عال زفيرها , شراب أهلها الحميم ... " إلخ.
٢ في طبعة أم القرى: تمزقت ونضجت.

<<  <   >  >>