للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الخامس: حكم الذكر الجماعي]

سبق ذكر موقف السلف من الذكر الجماعي، وأنهم يعدون محدثا في الدين لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة –رضي الله عنهم-، ولا من بعدهم. وكذلك الدعاء جماعة، سواء بعد الفريضة أو غيرها فهم يعدونه بدعة، إلا ما ورد به الدليل، وقد تعددت النقول عنهم في ذلك، وقد تقدم ذكر بعضها، ودرج على منوالهم فقهاء الإسلام على اختلاف مذاهبهم، فمن ذلك:

١- ذكر الإمام علاء الدين الكاساني الحنفي في كتابه (بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع) (١) ، عن أبي حنيفة – رحمه الله تعالى-: أن رفع الصوت بالتكبير بدعة في الأصل، لأنه ذكر. السنة في الأذكار المخافتة؛ لقوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} [الأعراف: ٥٥] وقوله صلى الله عليه وسلم: "خير الدعاء الخفي " (٢) . ولذا فإنه أقرب إلى التضرع والأدب، وأبعد عن الرياء فلا يترك هذا الأصل إلا عند قيام الدليل


١ - بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (١/ ١٩٦) .
٢ - أخرجه الإمام أحمد في المسند (٣/ ٤٤) ، وأبو يعلى في مسنده (٢/ ٨١) (٧٣١) ، وابن حبان في صحيحه (٣/٩١) (٨٠٩) ، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (١٠/٨١) ، وقال: (رواه أحمد وأبو يعلى، وفيه محمد بن عبد الرحمن بن لبيب، قد وثقه ابن حبان ... وضعفه ابن معين وبقية رجاله رجال الصحيح) .

<<  <   >  >>