للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شك الزنادقة في قوله: {هَذَا يَوْمُ لا يَنطِقُونَ}

...

ثم قال في آية أخرى:

{ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} [الزمر: ٣١] .

فقال: كيف يكون هذا من الكلام المحكم؟ ... قال: {هَذَا يَوْمُ لا يَنطِقُونَ} ثم قال في موضع آخر: {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} [الزمر: ٣١] .

فزعموا أن هذا الكلام ينقض بعضه بعضًا فشكوا في القرآن١.

أما تفسير: {هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ} .

فهذا أول ما تبعث الخلائق على مقدار ستين سنة لا ينطقون،

ولا يؤذن لهم في الاعتذار فيعتذرون، ثم يؤذن لهم في كلام فيتكلمون،


١ قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: قوله تعالى: {هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ، وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} هذه الآية الكريمة تدل على أن أهل النار لا ينطقون ولا يعتذرون، وقد جاءت آيات تدل على أنهم ينطقون ويعتذرون، كقوله تعالى: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: ٢٣] وقوله: {فَأَلْقَوْا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ} [النحل: ٢٨] وقوله: {بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا} [غافر: ٧٤] وقوله: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ، إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ، وَمَا أَضَلَّنَا إِلاَّ الْمُجْرِمُونَ} [الشعراء: ٩٧-٩٩] وقوله: {رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا} [الأعراف: ٣٨] إلى غير ذلك من الآيات.
والجواب عن هذا من أوجه:
الأول: أن القيامة مواطن، ففي بعضها ينطقون، وفي بعضها لا ينطقون.
الثاني: أنهم لا ينطقون بما لهم فيه فائدة، وما لا فائدة فيه كالعدم.
الثالث: أنهم بعد أن يقول الله لهم: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: ١٠٨] ينقطع نطقهم، ولم يبقَ إلا الزفير والشهيق، قال تعالى: {وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنطِقُونَ} [النمل: ٨٥] وهذا الوجه الثالث راجع للوجه الأول.
انظر: دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب "٢٠٥/١٠" ملحق تفسير أضواء البيان.

<<  <   >  >>