للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يجب قتله، وأما الخلاف إذا كان ذميّا، فقال الشافعي: يقتل وتبرأ منه الذمة، وقال أبو حنيفة: لا يقتل، ما هم عليه من الشرك أعظم. وقال مالك: من شتم النبي صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى قتل إلا أن يسلم، وكذلك قال أحمد بن حنبل١.

وقال ابن بطال: "اختلف العلماء فيمن سب النبي صلى الله عليه وسلم فأما أهل العهد والذمة كاليهود فقال ابن القاسم عن مالك: يقتل من سبه صلى الله عليه وسلم إلا أن يسلم، وأما المسلم فيقتل بغير استتابة، ونقل ابن المنذر عن الليث والشافعي، وأحمد، وإسحاق مثله في حق اليهودي ونحوه، وروي عن الأوزاعي ومالك – في المسلم – أنها ردة يستتاب منها، وعن الكوفيين: إن كان ذميًّا عُزِّر، وإن كان مسلما فهي ردة، وحكى عياض خلافا: هل كان ترك من وقع منه ذلك لعدم التصريح أو مصلحة التأليف؟ ونقل عن المالكية: إنه إنما لم يقتل اليهود اللذين كانوا يقولون له السام عليك، لأنهم لم تقم عليهم البينة بذلك ولا أقروا به، فلم يقض فيهم بعلمه، وقيل: إنهم لما لم يظهروه ولووه بألسنتهم ترك قتلهم، وقيل: إنه لم يحمل ذلك منهم على السب، بل على الدعاء بالموت الذي لا بد منه، ولذلك قال في الرد عليهم: وعليكم، أي: الموت نازل علينا وعليكم، فلا معنى للدعاء به، كذا في النيل٢.

وقد حكى ابن تيمية إجماع أهل العلم على قتل من سب النبي صلى الله عليه وسلم مسلما كان أو كافرا٣.

ومما نستنبطه أيضا: اعتبار قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ألا اشهدوا أن دمها هدر" سنة في الأصل في إشهاد الحاكم على نفسه بإنفاذ القضاء، قاله الدارقطني"٤.


١ أبو داود، سنن (٤/٥٢٨-٥٢٩) حاشية (٣) ، وأبو الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي، عون المعبود شرح سنن أبي داود (١٢/١٦-١٧) .
٢ أبو الطيب محمد العظيم آبادي، عون المعبود (١٢/١٧) .
٣ ابن تيمية، الصارم المسلول (٣) .
٤ الدارقطني، سنن (٤/٢١٧) .

<<  <   >  >>