للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان على المسلمين في المدينة أن يواجهوا أعداءهم المتربصين في كل ناحية من نواحي الجزيرة العربية من قريش الموتورين مرورا باليهود الخائنين إلى الأعراب الطامعين في خيرات المدينة، ولكن عين النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن تغفل عنهم ولو للحظة حيث كان يرصد تحركاتهم، وسكناتهم، ويتحسس أخبارهم عن طريق شبكة منظمة من العيون والجواسيس المبثوثين في مناطق الأعداء١ والتي ساهمت بشكل كبير وفعال في موضع النبي صلى الله عليه وسلم في الصورة دائما، فكان باستمرار يسبق الأحداث، ويفاجىء أعداءه بمبادرة عجيبة تقضي على مخططاتهم العدوانية في مهدها.

وكان من هؤلاء رجل من أشد الأعراب وشياطينهم يدعى خالد بن سفيان الهذلي كما سمته بعض المصادر والروايات٢، بينما ورد اسمه سفيان بن خالد في روايات أخرى٣. ومنها ما نسبه إلى جده٤، وسماه موسى بن عقبة: سفيان بن عبد الله بن نبيح٥، وذكر المزِّي: إنه خالد بن نبيح العنبري٦.


١ لم يرد ذكر في مصادر السيرة والمغازي عن هذه الشبكة. ولكننا نستطيع أن نلتمس بعض الإشارات الدالة على وجودها مبثوثة في ثنايا الروايات، فمثلا قول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن أنيس رضي الله عنه: "إنه قد بلغني أن سفيان بن نبيح الهذلي يجمع لي الجموع"، وما نقله الواقدي في البعث إلى اليسير بن رزام حول خارجة بن حسيل الأشجعي عين النبي صلى الله عليه وسلم في خيبر، ومثل ما ذكره أهل المغازي من أن العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم كان يطلعه على أخبار قريش أولا بأول، ومثل سرايا الاستطلاع التي يبثها من حين لآخر إلى مناطق أعدائه وهكذا.
٢ انظر روايات ابن إسحاق عند كل من أبي داود، سنن (٢/٤١) ، أحمد بن حنبل، الفتح الرباني (٧/٢٦، ٢٢/٢٨٠) ، والطبراني، الهيثمي، مجمع (٦/٢٠٣) ، وابن هشام سيرة (٤/٦١٩) .
٣ انظر الواقدي، مغازي (٢/٥٣١) ، وابن سعد، طبقات (٢/٥٠) ، الطبراني، الهيثمي مجمع (٦/٢٠٤) ، والبيهقي عن عروة، دلائل (٤/٤٠) ، وانظر المقريزي، إمتاع (١/٢٥٤) ، والحلبي، سيرة (٣/١٥٦) .
٤ انظر عمر بن شبة، تاريخ (٢/٤٦٨) رواية عن مالك، وروايات ابن إسحاق عند أبي نعيم، دلائل (٢/٥١٧) ، والبيهقي، دلائل (٤/٤٢) .
٥ انظر روايات موسى بن عقبة عند عمر بن شبة، تاريخ (٢/٤٦٨-٤٦٩) ، والبيهقي، دلائل (٤/٤١) ، وباقشيش، مرويات (١/٣٢٩) .
٦ المزِّي، تهذيب الكمال في أسماء الرجال (١٤/٣١٤) .

<<  <   >  >>