للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقدمة

بعد أن كان العالم غارقًا في سبات عميق يتخبط في ليل حالك الظلام، وهو يتمرغ في أدران الجاهلية والشرك يبحث عمن يخرجه من الظلمات إلى النور يبعث الله عز وجل الغيث بعدما قنطوا، فكانت الرسالة المحمدية الحنيفية التي كان عليها فطرة البشر منذ خُلقوا وأُخذ عليهم العهد والميثاق بذلك.

لكنهم نقضوا العهد وخانوا الميثاق بتحريض من الشياطين أعدائِهم.

وصدق الله القائل في حديث قدسي يرويه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه: "وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرَتْهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا" ١.

فهؤلاء قوم نوح يُعرضون عن عبادة الله عز وجل ويعبدون ودًّا وسواعًا ويغوث ويعوق ونسرًا وهم رجال صالحون كانوا فيهم، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابًا وسموها بأسمائهم ففعلوا، فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك وتنسَّخ العلم عبدت٢.

ويواصل الشيطان نشاطه في الأرض أينما وجد له أرضًا خصبة ولقي له أتباعا وجنودًا من الإنس والجن، فلما حدث الطوفان وبعد سنين طويلة انتقلت هذه الأصنام بطريقة ما إلى العرب٣.


١ صحيح أخرجه مسلم عن عياض بن حمار المجاشعي رضي الله عنه. انظر الألباني، مختصر صحيح مسلم، (ص: ٥٢٣) ، صحيح الجامع الصغير وزيادته (١/٥١٤-٥١٥) .
٢ أخرجه البخاري تعليقا عن ابن عباس رضي الله عنهما. انظر ابن حجر، فتح (٨/٦٦٧-٦٦٨) .
٣ تذكر بعض الروايات أن ذلك كان بفعل مجهودات أبي خزاعة عمرو بن لحي. انظر ابن الكلبي، الأصنام (ص ٥٦) .

<<  <   >  >>