للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالقذة، وأخذوا مأخذهم شبرا بشبر، وذراعا بذراع، وغلب الشرك على أكثر النفوس لظهور الجهل وخفاء العلم فصار المعروف منكرًا، والمنكر معروفًا، والسنة بدعة، والبدعة سنة، ونشأ في ذلك الصغير، وهرم عليه الكبير، وطمست الأعلام، واشتدت غربة الإسلام وقل العلماء، وغلب السفهاء، وتفاقم الأمر، واشتد البأس، وظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس، ولكن لا تزال طائفة من العصابة المحمدية بالحق قائمين، ولأهل الشرك والبدع مجاهدين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين١.

ومنها أيضا جواز صرف الإمام الأموال التي تصير إلى هذه المشاهد والطواغيت في الجهاد ومصالح المسلمين، فيجوز للإمام، بل يجب عليه أن يأخذ أموال هذه الطواغيت التي تساق إليها كلها، ويصرفها على الجند والمقاتلة، ومصالح الإسلام، كما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم أموال اللات وأعطاها لأبي سفيان يتألفه بها، وقضى منها دين عروة والأسود. وكذلك يجب عليه أن يهدم هذه المشاهد التي بنيت على القبور التي اتخذت أوثانا، وله أن يقطعها للمقاتلة، أو يبيعها ويستعين بأثمانها على مصالح المسلمين. وكذلك الحكم في أوقافها، فإن وقفها، فالوقف عليها باطل، وهو مال ضائع، فيصرف في مصالح المسلمين، فإن الوقف لا يصح إلا في قربة وطاعة لله ورسوله، فلا يصح الوقف على مشهد ولا قبر يسرج عليه ويعظم وينذر له، ويحج إليه، ويعبد من دون الله، ويتخذ وثنا من دونه، وهذا مما لا يخالف فيه أحد من أئمة الإسلام، ومن اتبع سبيلهم٢.


١ ابن القيم، زاد المعاد (٣/٥٠٦-٥٠٧) .
٢ المصدر السابق (٣/٥٠٧) .

<<  <   >  >>