للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الشبهة الثامنة: دعوى اضطهاد الرسول لليهود الفاعلين في المجتمع المددني]

...

الشبهة الثامنة: دعوى اضطهاد الرسول لليهود الفاعلين في المجتمع المدني

يرى وات أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعد هجرته إلى المدينة كان حريصاً على أن يظفر بتأييد اليهود، حتى لا ينهار البنيان الفكري الذي قامت عليه رسالته، فقد كان يؤكد في البداية أن رسالته متطابقة مع الرسالات السابقة، ومن هنا كان مستعداً لأن يسمح لليهود بالبقاء على دينهم إذا اعترفوا به نبياً كأنبيائهم، فلما أصر اليهود على موقفهم من عدم الاعتراف بنبوته وأخذوا يبرزون الفروق بين اليهودية والإسلام هاجمهم الرسول واتهمهم بالتحريف وادعى أنه على دين إبراهيم (١) .

وخطأ وات -وغيره من المستشرقين وعلى رأسهم بروكلمان (٢) - الأساس يتمثل في نظرتهم القاصرة إلى الأديان، فهم يدرسونها على أنها منفصلة عن بعضها، وهذا في حد ذاته من الأخطاء المنهجية؛ ذلك لأن الأديان السماوية مصدرها في الأصل واحد وهي رغم ما اعترى اليهودية والمسيحية من تحريف تلتقي في عدد من تعاليمها، ويقول الحق سبحانه وتعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} [الشورى: ١٣] ، فكل ما جاء به الرسل من عند الله فهو متحد المصدر، ونبينا الكريم عندما اختاره الله سبحانه وتعالى لتبليغ الرسالة الخاتمة جاء بالدين الصحيح وهو ما دعا إليه من


(١) مونتقمري وات، Muhammad at Medina، ص ٣٠٣ – ٣٠٤.
(٢) كارل بروكلمان، History of the Islamic People، ص ٢٢-٣٦.

<<  <   >  >>