للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الفصل الثالث في ميدان الجهاد - ١ -

لقد كان هناك أكثر من ميدان للجهاد، دخل فيه الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأنصاره من آل سعود.. وإنه إذا كان آل سعود قد حملوا عبء معارك القتال في نجد، وفي الجزيرة العربية، ثم في مواجهة الدولة العثمانية، والأوطان التي تحت يدها -فإن الشيخ رضي الله عنه واجه بدعوته أكثر من عدو. فهناك الشرك الذي غطى الجزيرة العربية كلها، حتى أصبح دينا يدين به الناس بدلا من دين الله.. فكان على الشيخ في هذا الميدان أن يكشف وجوه الشرك، ويفضحها على ضوء الإسلام، وحقائقه. ثم هناك أهل الضلال من العلماء الجهلاء ومن وراءهم من العامة المنقادين لهم حيث وقفوا جميعا في وجه الدعوة وشغبوا عليها -وكان على الشيخ أن يتصدى للرد على أهل الباطل، وأن يهزمهم بكلمة الحق بما ألف من كتب وبما وجه من رسائل، وما أدار من محاورات. ثم كان هناك المجاهدون، وما يقع لهم من نصر أو هزيمة في ميادين القتال.. وكان على الشيخ أن يضبط بحكمته تلك الأحداث، وأن يقيمها على ميزان الحق والعدل والإحسان، فلا زهو بالنصر يكون منه البغي والعدوان، ولا تخاذل مع الهزيمة يكون منه الاستسلام واليأس. وهكذا قضى الشيخ حياته مجاهدا في كل موقع محاربا في كل ميدان، مؤمنا بربه واثقاً

<<  <   >  >>