للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٤) أنه يجوز أن يستغيث بالمخلوق الحي فيما يقدر على الغوث فيه مثل أن يستغيث المخلوق ليعينه على حمل حجر أو يحول بينه وبين عدوه أو يدفع عنه لصا..ومن ذلك طلب الدعاء لله تعالى من بعض عباده لبعض وهذا لا خلاف في جوازه والاستغاثة الواردة في حديث المحشر من هذا القبيل، وإسناد الإغاثة هنا تكون من قبيل العمل والكسب لا الخلق والإيجاد.

(٥) أن يستغاث بمخلوق ميت أو حي فيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى وهذا هو الذي رفضه ابن عبد الوهاب ويقول فيه أهل العلم والتحقيق أنه غير جائز ويوصل إلى الشرك.

وصفوة القول عندي فيما يتعلق بالتوسل أن الله تعالى شرع العبادة لذاته تعالى بلا شريك أو وسيط وبين أنه الخالق النافع الضار وعلى الإنسان أن يحقق كمال العبودية لله تعالى في توحيد الألوهية والربوبية، فلا جرم أن ابن عبد الوهاب أصاب لب الحقيقة في تقريره عدم جواز طلب العبد من العبد شيئا حيا كان أو ميتا شيئا لا يملكه إلا الله، أما شبهة القائلين بان التوسل هو التوجه بالطلب إلى الله عن طريق أحد أوليائه التماسا للإجابة من الله. فقول مردود بأكثر من وجه:

الوجه الأول: أن الله تعالى أمر العباد بتوجيه الطلب المباشر إليه {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} .ولو كان توجيه الطلب عن طريق نبي أو ولي أو ملك مقرب مما يرضاه الله أو يكون سببا في إجابته الدعاء لحث على ذلك وندب إليه وهو ما لم يرد نص في كتاب الله.

الوجه الثاني: أن الله تعالى على ما وصف به نفسه في كتابه وعلى ما وصف به رسوله صلى الله عليه وسلم اقرب إلى الإنسان من حبل الوريد وأعلم بسره وجهره منه وأرحم به من والديه بل من نفسه التي بين جنبيه فأي عاقل يترك توجيه السؤال إلى الرب القريب الرحيم المجيب ويتخذ له وسيطا في الطلب والدعاء؟.

الوجه الثالث: أن التوسل بمخلوق على أنه صالح وولي هو تزكية لمخلوق على الله وقد نهى الله عن ذلك ووصف المؤمنين بأنهم لا يزكون على الله أحداً، من يدعي الصلاح ويزين للناس التبرك به والتوسل فحسبه قول الله: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} . (١)


(١) النجم: ٣٢

<<  <   >  >>