للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحتى أصحاب النظر الفلسفي من أنصار المذاهب المادية لم يرقوا إلى تصور بداية للإنسان أو نهاية له أو رسالة يضطلع بها بعيدا عن هذا التصور اللهم إلا محاولتهم تجريد المعاناة المادية من أشكالها للوصول إلى تصور معنوي للسعادة الإنسانية ظل على الدوام غامضا غموض أقيسة الفلسفة الجدلية ومعطياتها.

والقائمون على عقائد أهل الكتاب وإن توفر لهم من بقية العلم بالكتب السابقة ما يهديهم إلى الاعتقاد بأن للإنسان بداية تسبق عالم الحس، وسيفضي إلى نهاية يلقى بها عالم البعث ,انه بين البداية والنهاية محل للتكليف من الخالق ـإلا أنهم ليسوا بدء الإنسان على الأرض بمقولة الخطيئة التي تأخذ بزمامه. والتي يحتاج معها إلى الشفعاء من أبناء الرب وأحبائه يمنحون صك غفران يسلك له إلى ملكوت السموات وإلا فهو محروم شقي لا محالة.

وقد جاء الإسلام بالخبر اليقين الذي يبدد وهم الأولين وغلو الآخرين فارتفع بالإنسان عن وضاعة التطور من الخلية الحيوانية وأبان أنه مخلوق ذو مركز خاص في الكون، من حيث أصل خلقته {لَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} (١) ومن حيث مكانه في الأرض ورسالته {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} (٢) من حيث قدراته وملكاته واستعداده {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاء كُلَّهَاَ} (٣) ومن حيث مسؤوليته عن عمله {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} (٤)

وعدم مؤاخذته بجريرة غيره. {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (٥)

وفي ظل التطور المادي الذي أشرنا إله كانت الجماعات الإنسانية تتكون وتتشكل كما يجري للحيوانات في عالم الغاب من حيث أن القوة المادية وحدها هي التي توجه هذا التكوين والتشكيل, فالقبيلة التي تجمعها وحدة


(١) سورة التين: آية:٤
(٢) سورة البقرة: آية:٣٠
(٣) سورة البقرة: آية:٣١
(٤) سورة النجم: آية:٣٩
(٥) سورة الانعام: آية:١٦٤

<<  <   >  >>