للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الباب الثالث: آثاره في الفكر والسياسة

استبان لنا من دراسة فكر محمد بن عبد الوهاب ومنهجه، من القضايا التي أثارها واحتدم الجدل حولها بين خصومه وأنصاره أنه واحد من القلائل الذين جددوا الفكر الإسلامي وأضافوا برهانا جديدا على ثراء هذا الفكر وقدرته على العطاء المستمر المتجدد. وبمنطق أنصاره وخصومه على السواء يعترف له بالأثر العظيم الذي تركه في الفكر الإسلامي، إيجابيا كان هذا الأثر في تقدير أنصاره أو سلبياً في حسبان خصومة. ومتى كان هذا الأثر ملحوظاً من حيث المبدأ فمن واجبنا أن نعرض له لنسبر غوره ونستطلع قدر الإمكان مداه.

ولما كانت دعوة محمد بن عبد الوهاب تقوم علي الإسلام بوصفة عقيدة شاملة تنظم الدين والدنيا، فقد استوعبت هذه الدعوة أصول الدين في نفس الوقت الذي اهتمت فيه بشؤون السياسة، ب‘تبار الدين والسياسة معا من صميم موضوعات الإسلام، إذ أن السياسة في ميزاته: مسؤولية الراعي عن رعيته وطاعة الرعية للراعي. وقد شرع الإسلام لضبط هذه المسؤولية وتحديدها وترشيد هذه الطاعة وبيان أساسها ما يعد منهجا فريدا حجته غاشية الجهل والاستبداد في القرن الثاني عشر الهجري (الثامن عشر الميلادي) .وكان لابن عبد الوهاب فضل إزاحة ستار النسيان عن هذا المنهج ووضعه مره أخرى موضع التطبيق.

ولهذا كان علينا أن نعرض لأثره في الفكر ثم لأثره في السياسة التي لم تكن إلا ترجماناً لهذا الفكر.

<<  <   >  >>