للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فترة بلغ فيها المسلمين أقصى مداه حتى أصبحوا بين عوامل البدع والخرافات التي تخرب جبهتهم الداخلية، وعوامل الغزو الاستعماري المتربص." فواجهت الحركة الوهابية ثقل الكفاح على مقاومة الضعف الداخلي، وهو ضعف يستند علي تعاليم الباطنية وانحراف فريق من المتصوفة، ومع ذلك لم تغفل هذه الحركة مقاومة الهجوم الخارجي الذي بدت طلائعه في ضعف الخلافة العثمانية تحت الضغط السياسي الروسي القيصري المسيحي والإنجليزي والأوربي بوجه عام"١

وإذ قامت دعوة محمد بن عبد الوهاب على أساس طبيعة الإسلام الشمولية، والتي تخاطب الإنسان إلى آخر الزمان فقد عملت الدعوة علي تجديد الفكر الإسلامي ليكون وافيا لوصف الشمول الممتد إلى يوم القيامة. ومن هنا أحيت سنة الاجتهاد ودافعت عن مشروعيته واستمراره ولزومه، ونددت بالجمود والتقليد، وحث العلماء علي الالتزام برسالتهم برد ما اختلفوا فيه إلى الله ورسوله، وأنه لا قول لقائل مع وجود النص القطعي في حجيته ودلالته، فإذا لم يكن ثمة نص قطعي على هذا النحو فلاجتهاد واجب في كل مسألة مختلف فيها وليس لعالم معين أن يقيد العقول والأفهام في المسائل الخلافية، وعلى هذا فليس لمذهب في ذاته قداسة تمنع الناس من تجاوزه والأخذ بغير ما ورد به.

ومن هذه الزاوية كان لدعوته أثرها الفذ في تحرير العقول من أسر التقليد، وفي وضع المذاهب الفكرية في حجمها الإنساني باعتبارها فكرا بشريا يخطئ ويصيب وأن كل مذهب علي حدة لا يمكن أن يدعي احتكار الحقيقة، بل ولا أي عدد من المذاهب يسمو في اتفاق علي رأي إلى مرتبة الإجماع بما في ذلك المذاهب الأربعة عند أهل السنة فالإجماع لا يكون كذلك إلا بإجماع سائر علماء الأمة"فكل مستوف لأدوات الاجتهاد له الحق في أن يجتهد بل عليه أن يفعل ذلك " ٢. ما لم يكن هناك نص قطعي أو إجماع من سائر علماء الأمة.


(١) د. محمد البهي. الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي. ص ٧٥، ٧٦
(٢) أحمد أمين. زعماء الإصلاح. ص ١٠

<<  <   >  >>