للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسجد في الماضي]

لقد حدد القرآن الكريم الغاية من خلق الإنسان، قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} ١، وبهذا المعنى يصبح مفهوم العبادة أعم وأشمل من أن يقتصر على الشعائر الخاصة كالصلاة والصوم والزكاة والحج، ويتعداه حتى يتناول حياة الإنسان كلها، بما فيها من حركات وسكنات، من فعل وكف عن فعل.......

فالآية الكريمة قصرت الخلق على صفة العبادة وحدها ... ومتى استطاع الإنسان أن يجعل حياته كلها خالصة لله، كان عبداً ربانياً، ينال خير الجزاء، قال الله: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} ٢.

وقد وجه القرآن الكريم المسلمين إلى الأسس التي عليها تقوم الحضارة، قال الله تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} ٣، فجعل الصلاة أول تطبيق متى تم التمكن.

وكان المسجد هو أول ثمار تمكين الله للمسلمين في الأرض، ومنه بدأ تاريخهم الحضاري ... فبعد أن مكن الله للإسلام والمسلمين بهجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، واتخاذه منها قاعدة لبناء دولة الإسلام وحضارته،


١ سورة الذاريات، الآية (٥٦) .
٢ سورة النساء، الآية (١٧٣) .
٣ سورة الحج، الآية (٤١) .

<<  <   >  >>