للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَخُصَّ الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ عَدَدًا مِنْ عَدَدٍ، وَلَا وَقْتًا مِنْ وَقْتٍ، وَمُدَّعِي ذَلِكَ مُخْطِئٌ؛ لِأَنَّهُ قَائِلٌ بِلَا بُرْهَانٍ

وَالِاعْتِكَافُ: فِعْلٌ حَسَنٌ، قَدْ اعْتَكَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَزْوَاجُهُ وَأَصْحَابُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - بَعْدَهُ وَالتَّابِعُونَ؟ وَمِمَّنْ قَالَ بِمِثْلِ هَذَا طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ -: كَمَا أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ نا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدٍ الْبُصَيْرِيُّ نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ نا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ عَنْ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: مَنْ جَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ طَاهِرٌ فَهُوَ عَاكِفٌ فِيهِ، مَا لَمْ يُحْدِثْ -: وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: سَمِعْت عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ يُخْبِرُ عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: إنِّي لَأَمْكُثُ فِي الْمَسْجِدِ سَاعَةً وَمَا أَمْكُثُ إلَّا لِأَعْتَكِفَ.

قَالَ عَطَاءٌ: حَسِبْت أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ يَعْلَى أَخْبَرَنِيهِ؟ قَالَ عَطَاءٌ: هُوَ اعْتِكَافٌ مَا مَكَثَ فِيهِ، وَإِنْ جَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ احْتِسَابَ الْخَيْرِ فَهُوَ مُعْتَكِفٌ، وَإِلَّا فَلَا؟

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يَعْلَى صَاحِبٌ، وَسُوَيْدٌ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ، أَفْتَى أَيَّامَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، لَا يُعْرَفُ لِيَعْلَى فِي هَذَا مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ فَإِنْ قِيلَ: قَدْ جَاءَ عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ: لَا اعْتِكَافَ إلَّا بِصَوْمٍ، وَهَذَا خِلَافٌ لِقَوْلِ يَعْلَى؟ قُلْنَا: لَيْسَ كَمَا تَقُولُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ قَطُّ عَمَّنْ ذَكَرْت: لَا اعْتِكَافَ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ كَامِلٍ، إنَّمَا جَاءَ عَنْهُمْ: أَنَّ الصَّوْمَ وَاجِبٌ فِي حَالِ الِاعْتِكَافِ فَقَطْ، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَعْتَكِفَ الْمَرْءُ عَلَى هَذَا سَاعَةً فِي يَوْمٍ هُوَ فِيهِ صَائِمٌ.

وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، فَبَطَلَ مَا أَوْهَمْتُمْ بِهِ وقَوْله تَعَالَى: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: ١٨٧] فَلَمْ يَخُصَّ تَعَالَى مُدَّةً مِنْ مُدَّةٍ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤] .

<<  <  ج: ص:  >  >>