للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ؛ فَظَاهِرُ الْخَطَأِ جُمْلَةً، لَا يَحْتَاجُ مِنْ إبْطَالِهِ إلَى أَكْثَرَ مِنْ إيرَادِهِ وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ قَسَّمَ هَذَا التَّقْسِيمَ، وَلَا جَمَعَ هَذَا الْجَمْعَ، وَلَا فَرَّقَ هَذَا التَّفْرِيقَ قَبْلَهُ وَلَا مَعَهُ وَلَا بَعْدَهُ، إلَّا مَنْ قَلَّدَهُ، وَمَا لَهُ مُتَعَلَّقٌ، لَا مِنْ قُرْآنٍ، وَلَا مِنْ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ، وَلَا مِنْ رِوَايَةٍ فَاسِدَةٍ، وَلَا مِنْ قَوْلِ صَاحِبٍ وَلَا تَابِعٍ، وَلَا مِنْ قِيَاسٍ وَلَا مِنْ رَأْيٍ يُعْرَفُ لَهُ وَجْهُ، وَلَا مِنْ احْتِيَاطٍ أَصْلًا وَأَمَّا مَنْ رَأَى جَمْعَ الْبُرِّ وَغَيْرِهِ فِي الزَّكَاةِ فَيُمْكِنُ أَنْ يَتَعَلَّقُوا بِعُمُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَلَوْ لَمْ يَأْتِ إلَّا هَذَا الْخَبَرُ لَكَانَ هَذَا هُوَ الْقَوْلُ الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ.

لَكِنْ قَدْ خَصَّهُ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ رَبِيعٍ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ هُوَ الْجَحْدَرِيُّ - ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ثنا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَحِلُّ فِي الْبُرِّ وَالتَّمْرِ زَكَاةٌ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، وَلَا يَحِلُّ فِي الْوَرِقِ زَكَاةٌ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَ أَوَاقِيَ وَلَا يَحِلُّ فِي الْإِبِلِ زَكَاةٌ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسَ ذَوْدٍ» .

فَنَفَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الزَّكَاةَ عَمَّا لَمْ يَبْلُغْ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ مِنْ الْبُرِّ، فَبَطَل بِهَذَا إيجَابُ الزَّكَاةِ فِيهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ مَجْمُوعًا إلَى شَعِيرٍ أَوْ غَيْرَ مَجْمُوعٍ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَكُلُّهُمْ مُتَّفِقٌ عَلَى أَنْ لَا يُجْمَعَ التَّمْرُ إلَى الزَّبِيبِ، وَمَا نِسْبَةُ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ إلَّا كَنِسْبَةِ الْبُرِّ مِنْ الشَّعِيرِ؛ فَلَا النَّصَّ اتَّبَعُوا، وَلَا الْقِيَاسَ طَرَدُوا، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ كُلِّ مَنْ يَرَى الزَّكَاةَ فِي الْخَمْسَةِ الْأَوْسُقِ فَصَاعِدًا - لَا فِي أَقَلَّ - فِي أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ التَّمْرُ إلَى الْبُرِّ، وَلَا إلَى الشَّعِيرِ؟ .

٦٤٦ - مَسْأَلَةٌ: وَأَمَّا أَصْنَافُ الْقَمْحِ فَيُضَمُّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ؛ وَكَذَلِكَ تُضَمُّ أَصْنَافُ الشَّعِيرِ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ؛ وَكَذَلِكَ أَصْنَافُ التَّمْرِ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ الْعَجْوَةُ، وَالْبَرْنِيُّ، وَالصَّيْحَانِيُّ وَسَائِرُ أَصْنَافِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>