للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تِسْعَةٌ، وَمَرَّةً أَرْبَعَةَ عَشَرَ، وَمَرَّةً أَحَدَ عَشَرَ، وَمَرَّةً تِسْعَةً وَعِشْرِينَ، وَمَرَّةً هُوَ فِي الْغَنَمِ ثَمَانُونَ، وَمَرَّةً تِسْعَةٌ وَسَبْعُونَ، وَمَرَّةً مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَتِسْعُونَ، وَمَرَّةً تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ فَأَيُّ نَكِرَةٍ فِي أَنْ تَكُونَ تِسْعَةَ عَشَرَ إذَا صَحَّ بِذَلِكَ دَلِيلٌ؟ لَوْلَا الْهَوَى وَالْجَهْلُ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا مَا رُوِّينَاهُ مِنْ عَمَلِ عُمَّالِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَمَلِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ وَهُوَ ابْنُ أَخِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَمِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ جِدًّا - بِالْمَدِينَةِ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ فَلَمْ يُنْكِرُوهُ؟ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ -: فَوَجَدْنَا لَا يَصِحُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذَا مِنْ طَرِيقِ إسْنَادِ الْآحَادِ وَلَا مِنْ طَرِيقِ التَّوَاتُرِ شَيْءٌ كَمَا قَدَّمْنَا، وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لَا يُعَارِضُهُ غَيْرُهُ، وَلَا يَحِلُّ أَنْ تُؤْخَذَ شَرِيعَةٌ إلَّا عَنْ اللَّهِ تَعَالَى إمَّا مِنْ الْقُرْآنِ، وَإِمَّا مِنْ نَقْلٍ ثَابِتٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ طَرِيقِ الْآحَادِ وَالتَّوَاتُرِ بَيَانُ زَكَاةِ الْبَقَرِ، وَوَجَدْنَا الْإِجْمَاعَ - الْمُتَيَقَّنَ الْمَقْطُوعَ بِهِ، الَّذِي لَا خِلَافَ فِي أَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ قَدِيمًا وَحَدِيثًا قَالَ بِهِ، وَحَكَمَ بِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ فَمِنْ دُونِهِمْ - قَدْ صَحَّ عَلَى أَنَّ فِي كُلِّ خَمْسِينَ بَقَرَةً: بَقَرَةٌ؛ فَكَانَ هَذَا حَقًّا مَقْطُوعًا بِهِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُكْمِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِهِ، وَكَانَ مَا دُونَ ذَلِكَ مُخْتَلِفًا فِيهِ، وَلَا نَصَّ فِي إيجَابِهِ؛ فَلَمْ يَجُزْ الْقَوْلُ بِهِ.

وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: ١٨٨] .

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» فَلَمْ يَحِلَّ، أَخْذُ مَالِ مُسْلِمٍ، وَلَا إيجَابُ شَرِيعَةٍ بِزَكَاةٍ مَفْرُوضَةٍ بِغَيْرِ يَقِينٍ، مِنْ نَصٍّ صَحِيحٍ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَلَا يَغْتَرَّنَّ مُغْتَرٌّ بِدَعْوَاهُمْ: أَنَّ الْعَمَلَ بِقَوْلِهِمْ كَانَ مَشْهُورًا؛ فَهَذَا بَاطِلٌ، وَمَا كَانَ هَذَا الْقَوْلُ إلَّا خَامِلًا فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَلَا يُؤْخَذُ إلَّا عَنْ أَقَلَّ مِنْ عَشْرَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ، بِاخْتِلَافٍ مِنْهُمْ أَيْضًا - وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

قَالَ عَلِيٌّ: ثُمَّ اسْتَدْرَكْنَا فَوَجَدْنَا حَدِيثَ مَسْرُوقٍ إنَّمَا ذَكَرَ فِيهِ فِعْلَ مُعَاذٍ بِالْيَمَنِ فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ؛ وَهُوَ بِلَا شَكٍّ قَدْ أَدْرَكَ مُعَاذًا وَشَهِدَ حُكْمَهُ وَعَمَلَهُ الْمَشْهُورَ الْمُنْتَشِرَ، فَصَارَ نَقْلُهُ لِذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ عَنْ عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَقْلًا عَنْ الْكَافَّةِ عَنْ مُعَاذٍ بِلَا شَكٍّ؛ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>