للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا مَنْ خَصَّ مِنْ أَصْحَابِنَا الْبَقَرَ بِأَنْ لَا تُزَكَّى إلَّا سَائِمَتُهَا فَقَطْ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: قَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَكَاةُ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ عُمُومًا، وَحَدُّ زَكَاتِهَا، وَمِنْ كَمْ تُؤْخَذْ الزَّكَاةُ مِنْهَا: فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُخَصَّ أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرَأْيٍ وَلَا بِقِيَاسٍ.

وَأَمَّا الْبَقَرُ فَلَمْ يَصِحَّ فِي صِفَةِ زَكَاتِهَا، فَوَجَبَ أَنْ لَا تَجِبَ الزَّكَاةُ إلَّا فِي بَقَرٍ صَحَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا، وَلَا إجْمَاعَ إلَّا فِي السَّائِمَةِ؛ فَوَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِيهَا، دُونَ غَيْرِهَا الَّتِي لَا إجْمَاعَ فِيهَا؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا خَطَأٌ؛ بَلْ قَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إيجَابُ الزَّكَاةِ فِي الْبَقَرِ، بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الَّذِي قَدْ أَوْرَدْنَاهُ قَبْلُ بِإِسْنَادِهِ -: «مَا مِنْ صَاحِبِ إبِلٍ وَلَا بَقَرٍ لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهَا إلَّا فُعِلَ بِهِ كَذَا» .

فَصَحَّ بِالنَّصِّ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي الْبَقَرِ جُمْلَةً؛ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ نَصُّ فِي الْعَدَدِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْهَا، وَلَا كَمْ يُؤْخَذُ مِنْهَا، فَفِي هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ يُرَاعَى الْإِجْمَاعُ، وَأَمَّا تَخْصِيصُ بَقَرٍ دُونَ بَقَرٍ فَهُوَ تَخْصِيصٌ لِلثَّابِتِ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ إيجَابِهِ الزَّكَاةَ فِي الْبَقَرِ بِغَيْرِ نَصٍّ: وَهَذَا لَا يَجُوزُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ أَسْقَطَ الزَّكَاةَ عَنْ غَيْرِ السَّائِمَةِ بِهَذَا الدَّلِيلِ وَبَيْنَ مَنْ أَسْقَطَهَا عَنْ الذُّكُورِ بِهَذَا الدَّلِيلِ نَفْسِهِ، فَقَدْ صَحَّ الْخِلَافُ فِي زَكَاتِهَا؟ -: كَمَا حَدَّثَنَا حُمَامٌ قَالَ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاجِيَّ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ ثنا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثنا جَرِيرٌ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ - عَنْ الْمُغِيرَةِ هُوَ ابْنُ مِقْسَمٍ الضَّبِّيُّ - عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ السَّوَائِمِ صَدَقَةٌ إلَّا إنَاثَ الْإِبِلِ، وَإِنَاثَ الْبَقَرِ، وَالْغَنَمِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَلَا يَقُولُ بِهَذَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَلَا الْحَنَفِيُّونَ، وَلَا الْمَالِكِيُّونَ، وَلَا الشَّافِعِيُّونَ، وَلَا الْحَنْبَلِيُّونَ؛ وَلَا يَجُوزُ الْقَوْلُ بِهِ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ تَحَكُّمٌ بِلَا بُرْهَانٍ فَوَجَبَتْ بِالنَّصِّ الزَّكَاةُ فِي كُلِّ بَقَرٍ، أَيْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ الْبَقَرِ كَانَتْ، سَائِمَةً أَوْ غَيْرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>