للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنَّ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةً إلَى أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ.

ثُمَّ نَقُولُ؛ هَذَا خَبَرٌ لَا يَصِحُّ. لِأَنَّ بَهْزَ بْنَ حَكِيمٍ غَيْرُ مَشْهُورِ الْعَدَالَةِ، وَوَالِدُهُ حَكِيمٌ كَذَلِكَ. فَكَيْفَ وَلَوْ صَحَّ هَذَا الْخَبَرُ لَمَا كَانَ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ حُكْمَ الْمُخْتَلِطَيْنِ حُكْمُ الْوَاحِدِ؛ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْمَعَ مَالُ إنْسَانٍ إلَى مَالِ غَيْرِهِ فِي الزَّكَاةِ، وَلَا أَنْ يُزَكَّى مَالُ زَيْدٍ بِحُكْمِ مَالِ عَمْرٍو؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤] فَلَوْ صَحَّ لَكَانَ مَعْنَاهُ بِلَا شَكٍّ فِيمَا جَاوَزَ الْعِشْرِينَ وَمِائَةً مِنْ الْإِبِلِ؛ لِمُخَالَفَةِ جَمِيعِ الْأَخْبَارِ أَوَّلِهَا عَنْ آخِرِهَا؛ لِمَا خَالَفَ هَذَا الْعَمَلَ لِإِجْمَاعِهِمْ وَإِجْمَاعِ الْأَخْبَارِ عَلَى أَنَّ فِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ مِنْ الْإِبِلِ حِقَّةً لَا بِنْتَ لَبُونٍ؛ وَلِسَائِرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي ذَكَرْنَا وَأَيْضًا: أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ إلَّا الْإِبِلُ فَقَطْ؛ نَقَلَهُمْ حُكْمُ الْخُلْطَةِ إلَى الْغَنَمِ، وَالْبَقَرِ: قِيَاسٌ، وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ؛ ثُمَّ لَوْ كَانَ حَقًّا لَكَانَ هَذَا مِنْهُ عَيْنُ الْبَاطِلِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَقْلُ هَذَا الْحُكْمِ عَنْ الْإِبِلِ إلَى الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ بِأَوْلَى مِنْ نَقْلِهِ إلَى الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ وَالْعَيْنِ. وَكُلُّ ذَلِكَ دَعْوَى فِي غَايَةِ الْفَسَادِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَلِأَبِي حَنِيفَةَ هَاهُنَا تَنَاقُضٌ طَرِيفٌ؛ وَهُوَ أَنَّهُ قَالَ فِي شَرِيكَيْنِ فِي ثَمَانِينَ شَاةً لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهَا: إنَّ عَلَيْهِمَا شَاتَيْنِ بَيْنَهُمَا؛ وَأَصَابَ فِي هَذَا. ثُمَّ قَالَ فِي ثَمَانِينَ شَاةً لِرَجُلٍ وَاحِدٍ نِصْفُهَا وَنِصْفُهَا الثَّانِي لِأَرْبَعَيْنِ رَجُلًا: إنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهَا أَصْلًا، لَا عَلَى الَّذِي يَمْلِكُ نِصْفَهَا، وَلَا عَلَى الْآخَرِينَ؛ وَاحْتَجَّ فِي إسْقَاطِهِ الزَّكَاةَ عَنْ صَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ بِأَنَّ تِلْكَ الَّتِي بَيْنَ اثْنَيْنِ يُمْكِنُ قِسْمَتُهَا وَهَذِهِ لَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهَا؟ فَجَمَعَ كَلَامُهُ هَذَا: أَرْبَعَةَ أَصْنَافٍ مِنْ فَاحِشِ الْخَطَأِ؟ أَحَدُهَا - إسْقَاطُهُ الزَّكَاةَ عَنْ مَالِكِ أَرْبَعِينَ شَاةً هَاهُنَا؟ وَالثَّانِي - إيجَابُهُ الزَّكَاةَ عَلَى مَالِكِ أَرْبَعِينَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُخْرَى؛ فَفَرَّقَ بِلَا دَلِيلٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>