للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَسْقُطُ بِهِ زَكَاةُ كُلِّ ذَلِكَ. وَلَا يُجْعَلُ دَيْنُهُ فِي عُرُوضِ الْقِنْيَةِ مَا دَامَ عِنْدَهُ مَالٌ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، أَوْ مَا دَامَ عِنْدَهُ عُرُوضٌ لِلتِّجَارَةِ؛ وَهُوَ قَوْل اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ. وَقَالَ زُفَرُ: لَا يُجْعَلُ دَيْنُ الزَّرْعِ إلَّا فِي الزَّرْعِ، وَلَا يُجْعَلُ دَيْنُ الْمَاشِيَةِ إلَّا فِي الْمَاشِيَةِ، وَلَا يُجْعَلُ دَيْنُ الْعَيْنِ إلَّا فِي الْعَيْنِ، فَيَسْقُطُ بِذَلِكَ مَا عِنْدَهُ مِمَّا عَلَيْهِ دَيْنُ مِثْلِهِ، وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: حَرْثٌ لِرَجُلٍ دَيْنُهُ أَكْثَرُ مِنْ مَالِهِ، أَيُؤَدِّي حَقَّهُ؟ قَالَ: مَا نَرَى عَلَى رَجُلٍ دَيْنُهُ أَكْثَرُ مِنْ مَالِهِ صَدَقَةً، لَا فِي مَاشِيَةٍ وَلَا فِي أَصْلٍ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: سَمِعْتُ أَبَا الزُّبَيْرِ، سَمِعْت طَاوُسًا يَقُولُ لَيْسَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إسْقَاطُ الدَّيْنِ زَكَاةُ مَا بِيَدِ الْمَدِينِ لَمْ يَأْتِ بِهِ قُرْآنٌ وَلَا سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ وَلَا سَقِيمَةٌ وَلَا إجْمَاعٌ؛ بَلْ قَدْ جَاءَتْ السُّنَنُ الصِّحَاحُ بِإِيجَابِ الزَّكَاةِ فِي الْمَوَاشِي، وَالْحَبِّ، وَالتَّمْرِ، وَالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ، بِغَيْرِ تَخْصِيصِ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِمَّنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ فَإِنَّ مَا بِيَدِهِ لَهُ أَنْ يُصَدِّقَهُ وَيَبْتَاعَ مِنْهُ جَارِيَةً يَطَؤُهَا وَيَأْكُلَ مِنْهُ وَيُنْفِقَ مِنْهُ؛ وَلَوْ لَمْ يَكْفِي لَهُ لَمْ يَحِلَّ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا؛ فَإِذَا هُوَ لَهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ مِلْكِهِ وَيَدِهِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَزَكَاةُ مَالِهِ عَلَيْهِ بِلَا شَكٍّ.

وَأَمَّا تَقْسِيمُ مَالِكٍ: فَفِي غَايَةِ التَّنَاقُضِ، وَمَا نَعْلَمُهُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا - وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. وَالْمَالِكِيُّونَ: يُنْكِرُونَ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ هَذَا بِعَيْنِهِ فِي إيجَابِهِ لِلزَّكَاةِ فِي زَرْعِ الْيَتِيمِ وَثِمَارِهِ دُونَ مَاشِيَتِهِ وَذَهَبِهِ وَفِضَّتِهِ، فَإِنْ احْتَجُّوا بِأَنْ قَبْضَ زَكَاةِ الْمَوَاشِي وَالزَّرْعِ إلَى الْمُصَدِّقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>