للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهِيَ فِي نَاحِيَةِ الْفُرْعِ» .

قَالَ: فَتِلْكَ الْمَعَادِنُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا إلَّا الزَّكَاةَ إلَى الْيَوْمِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ مُرْسَلٌ، وَلَيْسَ فِيهِ مَعَ إرْسَالِهِ إلَّا إقْطَاعُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - تِلْكَ الْمَعَادِنَ فَقَطْ، وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَخَذَ مِنْهَا الزَّكَاةَ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ الْمَالِكِيُّونَ أَوَّلَ مُخَالِفٍ لَهُ؛ لِأَنَّهُمْ رَأَوْا فِي النُّدْرَةِ تُصَابُ فِيهِ بِغَيْرِ كَبِيرِ عَمَلٍ: الْخُمْسَ؛ وَهَذَا خِلَافُ مَا فِي هَذَا الْخَبَرِ. وَيُسْأَلُونَ أَيْضًا عَنْ مِقْدَارِ ذَلِكَ الْعَمَلِ الْكَبِيرِ وَحَدِّ النُّدْرَةِ؟ وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ إلَّا بِدَعْوَى لَا يَجُوزُ الِاشْتِغَالُ بِهَا - فَظَهَرَ أَيْضًا فَسَادُ هَذَا الْقَوْلِ وَتَنَاقُضُهُ. وَقَالُوا أَيْضًا: الْمَعْدِنُ كَالزَّرْعِ يَخْرُجُ شَيْءٌ بَعْدَ شَيْءٍ.

قَالَ عَلِيٌّ: قِيَاسُ الْمَعْدِنِ عَلَى الزَّرْعِ كَقِيَاسِهِ عَلَى الزَّكَاةِ، وَكُلُّ ذَلِكَ بَاطِلٌ وَلَوْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا لَتَعَارَضَ هَذَانِ الْقِيَاسَانِ؛ وَكِلَاهُمَا فَاسِدٌ، أَمَّا قِيَاسُهُ عَلَى الرِّكَازِ فَيَلْزَمُهُمْ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَعْدِنٍ؛ وَإِلَّا فَقَدْ تَنَاقَضُوا، وَأَمَّا قِيَاسُهُ عَلَى الزَّرْعِ فَيَلْزَمُهُمْ أَنْ يُرَاعُوا فِيهِ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَإِلَّا فَقَدْ تَنَاقَضُوا، وَيَلْزَمُهُمْ أَيْضًا أَنْ يَقِيسُوا كُلَّ مَعْدِنٍ - مِنْ حَدِيدٍ أَوْ نُحَاسٍ - عَلَى الزَّرْعِ، وَاحْتَجَّ كِلْتَا الطَّائِفَتَيْنِ بِالْخَبَرِ الثَّابِتِ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ عَنْ قُتَيْبَةَ؛ ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أُبَيٍّ نَعَمْ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ يَقُولُ: «بَعَثَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذُهَيْبَةٍ فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ لَمْ تَحْصُلْ مِنْ تُرَابِهَا، فَقَسَّمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ: عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ، وَالْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ، وَزَيْدِ الْخَيْرِ، وَذَكَرَ رَابِعًا، وَهُوَ عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ» .

فَقَالَ مَنْ رَأَى فِي الْمَعْدِنِ الزَّكَاةَ: هَؤُلَاءِ مِنْ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، وَحَقُّهُمْ فِي الزَّكَاةِ لَا فِي الْخُمْسِ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>