للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَوَجَدْنَا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ثنا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِخْرَاجِ زَكَاةِ الْفِطْرِ أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الْمُصَلَّى» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَهَذَا وَقْتُ أَدَائِهَا بِالنَّصِّ، وَخُرُوجُهُمْ إلَيْهَا إنَّمَا هُوَ لِإِدْرَاكِهَا، وَوَقْتُ صَلَاةِ الْفِطْرِ هُوَ جَوَازُ الصَّلَاةِ بِابْيِضَاضِ الشَّمْسِ يَوْمَئِذٍ فَإِذَا تَمَّ الْخُرُوجُ إلَى صَلَاةِ الْفِطْرِ بِدُخُولِهِمْ فِي الصَّلَاةِ فَقَدْ خَرَجَ وَقْتُهَا؟ وَبَقِيَ الْقَوْلُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا: فَوَجَدْنَا الْفِطْرَ الْمُتَيَقَّنَ إنَّمَا هُوَ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ؛ وَبَطَلَ قَوْلُ مَنْ جَعَلَ وَقْتَهَا غُرُوبَ الشَّمْسِ مِنْ أَوَّلِ لَيْلَةِ الْفِطْرِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْوَقْتِ الَّذِي أُمِرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِأَدَائِهَا فِيهِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَمَنْ لَمْ يُؤَدِّهَا حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا فَقَدْ وَجَبَتْ فِي ذِمَّتِهِ وَمَالِهِ لِمَنْ هِيَ لَهُ، فَهِيَ دَيْنٌ لَهُمْ، وَحَقٌّ مِنْ حُقُوقِهِمْ، وَقَدْ وَجَبَ إخْرَاجُهَا مِنْ مَالٍ وَحَرُمَ عَلَيْهِ إمْسَاكُهَا فِي مَالِهِ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ أَدَاؤُهَا أَبَدًا، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ، وَيَسْقُطُ بِذَلِكَ حَقُّهُمْ، وَيَبْقَى حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فِي تَضْيِيعِهِ الْوَقْتَ، لَا يَقْدِرُ عَلَى جَبْرِهِ إلَّا بِالِاسْتِغْفَارِ وَالنَّدَامَةِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ.

وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا قَبْلَ وَقْتِهَا أَصْلًا. فَإِنْ ذَكَرُوا خَبَرَ «أَبِي هُرَيْرَةَ إذْ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَبِيتِ عَلَى صَدَقَةِ الْفِطْرِ فَأَتَاهُ الشَّيْطَانُ لَيْلَةً، وَثَانِيَةً، وَثَالِثَةً» -: فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ، لِأَنَّهُ لَا تَخْلُو تِلْكَ اللَّيَالِي أَنْ تَكُونَ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ مِنْ شَوَّالٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِنْ رَمَضَانَ، لِأَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ فِي الْخَبَرِ، وَلَا يُظَنُّ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ حَبَسَ صَدَقَةً وَجَبَ أَدَاؤُهَا عَنْ أَهْلِهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ شَوَّالٍ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ؛ إذْ لَمْ يُكْمِلْ وَحَبَسَ وُجُودَ أَهْلِهَا؛ وَفِي تَأْخِيرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إعْطَاءَهَا بُرْهَانٌ عَلَى أَنَّ وَقْتَ إخْرَاجِهَا لَمْ يَحِنْ بَعْدُ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي لَيَالِي رَمَضَانَ فَلَمْ يُخْرِجْهَا - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.

فَصَحَّ أَنَّهُ لَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُهَا قَبْلَ وَقْتِهَا وَلَا يُجْزِئُ؛ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ لَيَالِي شَوَّالٍ فَبِلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>