للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا تُجْزِئُ النِّيَّةُ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ فِي ذَلِكَ قَدْ كَذَبُوا، وَلَا مُؤْنَةَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْكَذِبِ، وَقَدْ صَحَّ هَذَا عَنْ حُذَيْفَةَ نَصًّا، وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ بِإِطْلَاقٍ، وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ نَصًّا، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ نَصًّا، وَعَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ كَذَلِكَ، وَعَنْ الْحَسَنِ، وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَلَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ مَزَجَ نِيَّةَ صَوْم فرض بِفَرْضٍ آخَرَ]

٧٣١ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ مَزَجَ نِيَّةَ صَوْمٍ فُرِضَ بِفَرْضٍ آخَرَ أَوْ بِتَطَوُّعٍ، أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي صَلَاةٍ أَوْ زَكَاةٍ، أَوْ حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ، أَوْ عِتْقٍ -: لَمْ يُجْزِهِ لِشَيْءٍ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ وَبَطَلَ ذَلِكَ الْعَمَلُ كُلُّهُ، صَوْمًا كَانَ أَوْ صَلَاةً، أَوْ زَكَاةً، أَوْ حَجًّا، أَوْ عُمْرَةً أَوْ عِتْقًا، إلَّا مَزْجُ الْعُمْرَةِ بِالْحَجِّ لِمَنْ أَحْرَمَ وَمَعَهُ الْهَدْيُ فَقَطْ، فَهُوَ حُكْمُهُ اللَّازِمُ لَهُ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: ٥] وَالْإِخْلَاصُ هُوَ أَنْ يَخْلُصَ الْعَمَلُ الْمَأْمُورُ بِهِ لِلْوَجْهِ الَّذِي أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فِيهِ فَقَطْ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» فَمَنْ مَزَجَ عَمَلًا بِآخَرَ فَقَدْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا أَمْرُ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِهِمْ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: مَنْ صَلَّى، وَهُوَ مُسَافِرٌ رَكْعَتَيْنِ نَوَى بِهِمَا الظُّهْرَ وَالتَّطَوُّعَ مَعًا أَوْ صَامَ يَوْمًا مِنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ يَنْوِي بِهِ قَضَاءَ مَا عَلَيْهِ وَالتَّطَوُّعَ مَعًا وَأَعْطَى مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي زَكَاةِ مَالِهِ وَنَوَى بِهِ الزَّكَاةَ وَالتَّطَوُّعَ مَعًا، أَوْ أَحْرَمَ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَنَوَى بِهَا الْفَرِيضَةَ وَالتَّطَوُّعَ مَعًا -: فَإِنَّ كُلَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ مِنْ صَلَاةِ الْفَرْضِ وَصَوْمِ الْفَرْضِ، وَزَكَاةِ الْفَرْضِ، وَحَجَّةِ الْفَرْضِ، وَيَبْطُلُ التَّطَوُّعُ فِي كُلِّ ذَلِكَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: أَمَّا الصَّلَاةُ فَتَبْطُلُ وَلَا تُجْزِئُهُ، لَا عَنْ فَرْضٍ وَلَا عَنْ تَطَوُّعٍ - وَأَمَّا الزَّكَاةُ، وَالصَّوْمُ فَيَكُونُ فِعْلُهُ ذَلِكَ تَطَوُّعًا فِيهِمَا جَمِيعًا، وَيَبْطُلُ الْفَرْضُ - وَأَمَّا الْحَجُّ فَيُجْزِئُهُ عَنْ الْفَرْضِ وَيَبْطُلُ التَّطَوُّعُ. فَهَلْ سُمِعَ بِأَسْقَطَ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ؟ وَمَا نَدْرِي مِمَّنْ الْعَجَبُ أَمِمَّنْ أَطْلَقَ لِسَانَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>