للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَرَكُوا الْقِيَاسَ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يَلْتَزِمُوا النَّصَّ وَأَوْجَبُوا الْكَفَّارَةَ عَلَى الْمُكْرَهَةِ عَلَى الْوَطْءِ، وَهِيَ غَيْرُ عَاصِيَةٍ بِذَلِكَ، وَأَسْقَطُوهَا عَنْ الْمُتَعَمِّدِ لِلْقُبُلِ فَيُمْذِي وَهُوَ عَاصٍ؟ فَإِنْ قَالَ: لَيْسَ عَاصِيًا؟ قُلْنَا: فَاَلَّذِي قَبَّلَ فَأَمْنَى إذَنْ لَيْسَ عَاصِيًا، فَلِمَ أَوْجَبْتُمُوهَا عَلَيْهِ؟ وَهَذِهِ تَخَالِيطُ لَا نَظِيرَ لَهَا وَلَا مُتَعَلِّقَ لَهُمْ أَصْلًا بِشَيْءٍ مِنْ الْأَخْبَارِ؛ لِأَنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَ الْمُفَرِّطِينَ فِي الْحُكْمِ فَلَمْ يَأْخُذُوا بِرِوَايَةِ مَنْ رَوَى «أَنَّ رَجُلًا أَفْطَرَ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالْكَفَّارَةِ» وَلَا بِرِوَايَةِ مَنْ رُوِيَ «أَنَّ رَجُلًا وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالْكَفَّارَةِ» ، فَيَقْتَصِرُوا عَلَيْهِ، وَلَا قَاسُوا عَلَيْهِ كُلَّ مُفْطِرٍ؟ وَأَسْقَطُوا الْكَفَّارَةَ عَمَّنْ تَعَمَّدَ الْفِطْرَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ، وَفِي صَوْمِ نَذْرٍ، وَفِي شَهْرَيْ الْكَفَّارَةِ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ قَتَادَةَ إيجَابُ الْكَفَّارَةِ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ إذَا أَفْطَرَ فِيهِ عَامِدًا، وَتَرَكُوا هَاهُنَا الْقِيَاسَ؛ لِأَنَّهُ صَوْمُ فَرْضٍ، وَصَوْمُ فَرْضٍ، وَتَعَمُّدُ فِطْرٍ، وَتَعَمُّدُ فِطْرٍ؟ فَإِنْ قِيلَ: فَمِنْ أَيْنَ أَسْقَطْتُمْ الْكَفَّارَةَ عَمَّنْ وَطِئَ امْرَأَةً مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ فِي الْفَرْجِ؟ وَعَنْ الْمَرْأَةِ الْمَوْطُوءَةِ بِإِكْرَاهٍ أَوْ بِمُطَاوَعَةٍ؟ قُلْنَا: لِأَنَّ النَّصَّ لَمْ يَرِدْ إلَّا فِيمَنْ وَطِئَ امْرَأَتَهُ، وَلَا يُطْلَقُ عَلَى مَنْ وَطِئَهَا فِي غَيْرِ الْفَرْجِ اسْمُ وَاطِئٍ، وَلَا اسْمُ مُوَاقِعٍ، وَلَا اسْمُ مُجَامِعٍ، وَلَا أَنَّهُ وَطِئَهَا؛ وَلَا أَنَّهُ وَقَعَ عَلَيْهَا، وَلَا أَنَّهُ جَامَعَهَا، إلَّا حَتَّى يُضَافَ إلَى ذَلِكَ صِلَةُ الْبَيَانِ، فَإِيجَابُ الْكَفَّارَةِ عَلَى غَيْرِ مَنْ ذَكَرْنَا مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ وَتَعَدِّي لِحُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى فِي ذَلِكَ، وَإِيجَابُ مَا لَمْ يُوجِبْهُ؟ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَمَوْطُوءَةٌ، وَالْمَوْطُوءَةُ غَيْرُ الْوَاطِئِ، فَالْأَمْرُ فِي سُقُوطِ الْكَفَّارَةِ عَنْهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ أَوْضَحُ مِنْ كُلِّ وَاضِحٍ؟ وَأَيْضًا: فَإِنَّ وَاطِئَ الْحَرَامِ لَا يَصِلُ إلَى الْوَطْءِ إلَّا بَعْدَ قَصْدٍ إلَى ذَلِكَ بِكَلَامٍ أَوْ بَطْشٍ وَلَا بُدَّ؛ وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ مَعْصِيَةٌ تُبْطِلُ الصَّوْمَ فَلَمْ يُجَامِعْ إلَّا وَصَوْمُهُ قَدْ بَطَلَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

فَإِنْ قِيلَ: فَإِنَّكُمْ تُوجِبُونَهَا عَلَى مَنْ وَطِئَ امْرَأَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ وَهُمَا حَائِضَانِ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>