للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي النَّصِّ إلَّا عَلَى أَرْبَعَةٍ: الْمُسَافِرُ، وَالْمَرِيضُ - بِالْقُرْآنِ - وَالْحَائِضُ، وَالنُّفَسَاءُ، وَالْمُتَعَمِّدُ لِلْقَيْءِ - بِالسُّنَّةِ - وَلَا مَزِيدَ. وَوَجَدْنَا النَّائِمَ، وَالسَّكْرَانَ، وَالْمَجْنُونَ الْمُطْبَقَ عَلَيْهِ لَيْسُوا مُسَافِرِينَ وَلَا مُتَعَمِّدِينَ لِلْقَيْءِ، وَلَا حُيَّضًا، وَلَا مِنْ ذَوَاتِ النِّفَاسِ، وَلَا مَرْضَى؛ فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمْ الْقَضَاءُ أَصْلًا، وَلَا خُوطِبُوا بِوُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَيْهِمْ فِي تِلْكَ الْأَحْوَالِ؛ بَلْ الْقَلَمُ مَرْفُوعٌ عَنْهُمْ - بِالسُّنَّةِ.

وَوَجَدْنَا الْمَصْرُوعَ، وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ مَرِيضَيْنِ بِلَا شَكٍّ، لِأَنَّ الْمَرَضَ هِيَ حَالٌ مُخْرِجَةٌ لِلْمَرْءِ عَنْ حَالِ الِاعْتِدَالِ وَصِحَّةِ الْجَوَارِحِ وَالْقُوَّةِ إلَى الِاضْطِرَابِ وَضَعْفِ الْجَوَارِحِ وَاعْتِلَالِهَا، وَهَذِهِ صِفَةُ الْمَصْرُوعِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ بِلَا شَكٍّ، وَيَبْقَى وَهْنُ ذَلِكَ وَضَعْفُهُ عَلَيْهِمَا بَعْدَ الْإِفَاقَةِ مُدَّةً؛ فَإِذْ هُمَا مَرِيضَانِ فَالْقَضَاءُ عَلَيْهِمَا بِنَصِّ الْقُرْآنِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَلَيْسَ قَوْلُنَا بِسُقُوطِ الصَّلَاةِ عَنْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ إلَّا مَا أَفَاقَ فِي وَقْتِهِ مِنْهَا وَبِقَضَاءِ النَّائِمِ لِلصَّلَاةِ -: مُخَالِفًا لِقَوْلِنَا هَاهُنَا؛ بَلْ هُوَ مُوَافِقٌ، لِأَنَّ مَا خَرَجَ وَقْتُهُ لِلْمُغْمَى عَلَيْهِ فَلَمْ يَكُنْ مُخَاطَبًا بِالصَّلَاةِ فِيهِ، وَلَا كَانَ أَيْضًا مُخَاطَبًا بِالصَّوْمِ؛ وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ عَلَى الْمَرِيضِ عِدَّةً مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ، وَلَمْ يُوجِبْ تَعَالَى - عَلَى الْمَرِيضِ: قَضَاءَ صَلَاةٍ، وَأَوْجَبَ قَضَاءَ الصَّلَاةِ: عَلَى النَّائِمِ، وَالنَّاسِي، وَلَمْ يُوجِبْ قَضَاءَ صِيَامٍ عَلَى النَّائِمِ، وَالنَّاسِي بَلْ أَسْقَطَهُ تَعَالَى عَنْ النَّاسِي، وَالنَّائِمِ؛ إذْ لَمْ يُوجِبْهُ عَلَيْهِ. فَصَحَّ قَوْلُنَا - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فَفِي غَايَةِ الْفَسَادِ؛ لِأَنَّهُ دَعْوَى بِلَا بُرْهَانٍ، وَلَمْ يَتَّبِعْ نَصًّا، وَلَا قِيَاسًا؛ لِأَنَّهُ رَأَى عَلَى مَنْ أَفَاقَ فِي شَيْءٍ مِنْ رَمَضَانَ مِنْ جُنُونِهِ: قَضَاءَ الشَّهْرِ كُلِّهِ، وَهُوَ لَا يَرَاهُ عَلَى مَنْ بَلَغَ، أَوْ - أَسْلَمَ حِينَئِذٍ.

وَقَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيِّينَ: الْمَجْنُونُ بِمَنْزِلَةِ الْحَائِضِ وَهَذَا كَلَامٌ يُغْنِي ذِكْرُهُ عَنْ تَكَلُّفِ إبْطَالِهِ، وَمَا نَدْرِي فِيمَا يُشْبِهُ الْمَجْنُونُ الْحَائِضَ

[مَسْأَلَةٌ الصَّائِم الَّذِي جَهَدَهُ الْجُوعُ أَوْ الْعَطَشُ حَتَّى غَلَبَهُ الْأَمْرُ]

؟ ٧٥٥ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ جَهَدَهُ الْجُوعُ، أَوْ الْعَطَشُ حَتَّى غَلَبَهُ الْأَمْرُ فَفَرْضٌ عَلَيْهِ أَنْ يُفْطِرَ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: ٢٩] . وَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥] .

<<  <  ج: ص:  >  >>