للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قَالُوا: قَدْ صَحَّ نَهْيُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صَوْمِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. قِيلَ لَهُمْ: وَقَدْ صَحَّ نَهْيُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ صَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الدَّهْرِ، وَصَحَّ نَهْيُهُ عَنْ صَوْمِ الدَّهْرِ. وَأَمَّا خَبَرُ عُمَرَ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا السَّرْدُ فَقَطْ وَهُوَ الْمُتَابَعَةُ لَا صِيَامُ الدَّهْرِ؛ بَلْ قَدْ صَحَّ عَنْهُ تَحْرِيمُ صِيَامِ الدَّهْرِ كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: بَلَغَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: أَنَّ رَجُلًا يَصُومُ الدَّهْرَ فَأَتَاهُ فَعَلَاهُ بِالدِّرَّةِ وَجَعَلَ يَقُولُ: كُلْ يَا دَهْرُ كُلْ يَا دَهْرُ؛ وَهَذَا فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ عَنْهُ؛ فَصَحَّ أَنَّ تَحْرِيمَ صَوْمِ الدَّهْرِ كَانَ مِنْ مَذْهَبِهِ وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ مُبَاحًا لَمَا ضَرَبَ فِيهِ وَلَا أَمَرَ بِالْفِطْرِ.

وَأَمَّا عُثْمَانُ، فَإِنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أُمَيْمَةَ وَجَدَّتَهُ مَجْهُولَانِ، فَسَقَطَ هَذَا الْخَبَرُ. وَأَمَّا أَبُو طَلْحَةَ فَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ يَأْكُلُ الْبَرَدَ وَهُوَ صَائِمٌ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَفِي الْخَبَرِ الَّذِي شَغَبُوا بِهِ: أَنَّ أَنَسًا قَالَ: مَا رَأَيْتُهُ مُفْطِرًا إلَّا يَوْمَ فِطْرٍ، أَوْ يَوْمَ أَضْحَى، فَفِي هَذَا الْخَبَرِ: أَنَّهُ كَانَ يَصُومُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِعْلُ أَبِي طَلْحَةَ فِي أَكْلِهِ الْبَرَدَ وَهُوَ صَائِمٌ حُجَّةً فَصَوْمُهُ الدَّهْرَ لَيْسَ حُجَّةً؛ وَلَئِنْ كَانَ صَوْمُهُ الدَّهْرَ حُجَّةً فَإِنَّ أَكْلَهُ الْبَرَدَ فِي صِيَامٍ حُجَّةٌ؛ فَسَقَطَ كُلُّ مَا مَوَّهُوا بِهِ عَنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.

وَأَمَّا الْأَسْوَدُ: فَرُوِّينَا عَنْ وَكِيعٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ: أَنَّ الْأَسْوَدَ كَانَ يَصُومُ الدَّهْرَ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ صَامَ أَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ ثَلَاثِينَ سَنَةً - قَالَ هِشَامٌ: لَمْ أَرَهُ مُفْطِرًا إلَّا يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ يَوْمَ نَحْرٍ؛ فَلْيَقْتَدُوا بِهِمَا فِي صَوْمِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَإِلَّا فَالْقَوْمُ مُتَلَاعِبُونَ. قَالَ عَلِيٌّ: صَحَّ عَنْ عُمَرَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ الدَّهْرِ، وَأَمْرِهِ بِالْفِطْرِ فِيهِ، وَضَرْبِهِ عَلَى صِيَامِهِ. وَمِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: مَنْ صَامَ الدَّهْرَ ضَيَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ هَكَذَا -: وَقَبَضَ كَفَّهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>