للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يُصْبِحُ يَوْمَ الشَّكِّ صَائِمًا فَإِنْ قَدِمَ خَبَرٌ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ نِصْفِ النَّهَارِ أَتَمَّ صَوْمَهُ وَإِلَّا أَفْطَرَ. وَبِالنَّهْيِ عَنْ صَوْمِهِ جُمْلَةً يَقُولُ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَعِكْرِمَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَابْنُ سِيرِينَ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا ابْنُ عُمَرَ هُوَ رَوَى أَنْ لَا يُصَامُ حَتَّى يَرَى الْهِلَالَ ثُمَّ كَانَ يَفْعَلُ مَا ذَكَرْنَا؛ وَاحْتَجَّ مَنْ رَأَى صِيَامَ يَوْمِ الشَّكِّ بِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِرَجُلٍ: هَلْ صُمْت مِنْ سُرَرِ هَذَا الشَّهْرِ شَيْئًا؟ يَعْنِي شَعْبَانَ قَالَ: لَا، قَالَ: فَإِذَا أَفْطَرْتَ مِنْ صِيَامِ رَمَضَانَ فَصُمْ يَوْمَيْنِ مَكَانَهُ» . وَبِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد نَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ نَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ نَا شُعْبَةُ عَنْ تَوْبَةَ الْعَنْبَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ يَصُومُ مِنْ السَّنَةِ شَهْرًا تَامًّا إلَّا شَعْبَانَ يَصِلُهُ بِرَمَضَانَ» .

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ عَنْ أَبِي الْأَزْهَرِ الْمُغِيرَةِ بْنِ فَرْوَةَ قَالَ: قَامَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ فِي النَّاسِ فِي دَيْرِ مِسْحَلٍ الَّذِي عَلَى بَابِ حِمْصٍ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّا قَدْ رَأَيْنَا الْهِلَالَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا وَأَنَّا مُتَقَدِّمٌ بِالصِّيَامِ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَفْعَلَهُ فَلْيَفْعَلْهُ، فَقَامَ إلَيْهِ مَالِكُ بْنُ هُبَيْرَةَ السَّبَائِيُّ فَقَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ أَشَيْءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ أَمْ شَيْءٌ مِنْ رَأْيِكَ؟ فَقَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «صُومُوا الشَّهْرَ وَسِرَّهُ» . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: الْمُغِيرَةُ بْنُ فَرْوَةٍ غَيْرُ مَشْهُورٍ ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَتْ فِيهِ حُجَّةٌ أَصْلًا، لِأَنَّ نَصَّهُ «صُومُوا الشَّهْرَ وَسِرَّهُ» وَهُوَ بِلَا شَكٍّ شَهْرُ رَمَضَانَ لَا مَا سِوَاهُ " وَسِرَّهُ " مُضَافٌ إلَيْهِ، وَلَا يَخْلُو " سِرُّهُ " مِنْ أَنْ يَكُونَ أَوَّلَهُ أَوْ آخِرَهُ أَوْ وَسَطَهُ وَأَيَّ ذَلِكَ كَانَ؟ فَهُوَ مِنْ رَمَضَانَ لَا مِنْ شَعْبَانَ، وَلَيْسَ فِيهِ: صُومُوا سِرَّ شَعْبَانَ؛ فَبَطَلَ التَّعَلُّقُ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>