للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امْرَأَةٌ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً وَإِنِّي اكْتَتَبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا قَالَ: انْطَلِقْ فَاحْجُجْ مَعَ امْرَأَتِكَ» فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ رَافِعًا لِلْإِشْكَالِ وَمُبَيِّنًا لِمَا اخْتَلَفْنَا فِيهِ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، لِأَنَّ نَهْيَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ أَنْ تُسَافِرَ امْرَأَةٌ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ وَقَعَ ثُمَّ سَأَلَهُ الرَّجُلُ عَنْ امْرَأَتِهِ الَّتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً لَا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَلَا مَعَ زَوْجٍ فَأَمَرَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِأَنْ يَنْطَلِقَ فَيَحُجَّ مَعَهَا وَلَمْ يَأْمُرْ بِرَدِّهَا وَلَا عَابَ سَفَرَهَا إلَى الْحَجِّ دُونَهُ وَدُونَ ذِي مَحْرَمٍ، وَفِي أَمْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِأَنْ يَنْطَلِقَ فَيَحُجَّ مَعَهَا بَيَانٌ صَحِيحٌ وَنَصٌّ صَرِيحٌ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مُمْكِنًا إدْرَاكُهَا بِلَا شَكٍّ فَأَقَرَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - سَفَرَهَا كَمَا خَرَجْتُ فِيهِ، وَأَثْبَتَهُ وَلَمْ يُنْكِرْهُ؛ فَصَارَ الْفَرْضُ عَلَى الزَّوْجِ؛ فَإِنْ حَجَّ مَعَهَا فَقَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ مِنْ صُحْبَتِهَا وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ عَاصٍ لِلَّهِ تَعَالَى وَعَلَيْهَا التَّمَادِي فِي حَجِّهَا وَالْخُرُوجُ إلَيْهِ دُونَهُ أَوْ مَعَهُ أَوْ دُونَ ذِي مَحْرَمٍ أَوْ مَعَهُ كَمَا أَقَرَّهَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهَا، فَارْتَفَعَ الشَّغَبُ جُمْلَةً - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ كَثِيرًا.

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَأَيْنَ أَنْتُمْ عَمَّا رَوَيْتُمُوهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ؟ قَالَ: أَخْبَرَنِي عِكْرِمَةُ، أَوْ أَبُو مَعْبَدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ إلَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَيْنَ نَزَلْتَ؟ قَالَ: عَلَى فُلَانَةَ، قَالَ: أَغْلَقْتَ عَلَيْهَا بَابَكَ - مَرَّتَيْنِ - لَا تَحُجَّنَّ امْرَأَةٌ إلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ» قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: وَأَمَّا ابْنُ عُيَيْنَةَ فَأَخْبَرَنَاهُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ لَيْسَ فِيهِ شَكٌّ؟ قُلْنَا: هَذَا خَبَرٌ لَمْ يَحْفَظْهُ ابْنُ جُرَيْحٍ لِأَنَّهُ شَكَّ فِيهِ أَحَدَّثَهُ بِهِ عَمْرٌو عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا؟ أَمْ حَدَّثَهُ بِهِ عَمْرٌو عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ مُسْنَدًا؟ فَلَمْ يُثْبِتْهُ أَصْلًا؛ فَبَطَلَ التَّعَلُّقُ بِهِ وَإِنَّمَا صَوَابُهُ كَمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ، وَابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا أَوْرَدْنَاهُ آنِفًا لَيْسَ فِيهِ هَذِهِ اللَّفْظَةُ.

وَهَكَذَا رُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ كَمَا حَدَّثَنَا (بِهِ) أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلْمَنْكِيُّ نا ابْنُ مُفَرِّجٍ نا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ فِرَاسٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصَّائِغُ نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ نا حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ «عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَخْطُبُ - يَقُولُ لَا تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَلَا يَدْخُلَنَّ عَلَيْهَا رَجُلٌ إلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ؛ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْ نَذَرْتُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ؟ قَالَ: فَاخْرُجْ مَعَهَا» فَلَمْ يَقُلْ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>