للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ قَالُوا: لَيْسَ حَرَامًا؟ قُلْنَا: فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ فِي التَّصَيُّدِ.

فَإِنْ قَالُوا: قَدْ جَاءَ النَّصُّ وَالْإِجْمَاعُ بِأَمْرِهِ بِحَلْقِ رَأْسِهِ، وَبِلِبَاسِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِينَ؟ قُلْنَا: فَهَذَا بُرْهَانٌ كَافٍ فِي أَنَّهُ لَيْسَ مُحْرِمًا، وَهَذَا مَا لَا مُخَلِّصَ [لَهُمْ] مِنْهُ؛ وَأَيْضًا فَإِنَّهُمْ أَوْهَمُوا أَنَّهُمْ تَعَلَّقُوا بِعُمَرَ، وَابْنِ عُمَرَ؛ وَإِنَّمَا عَنْهُمَا الْمَنْعُ مِنْ التَّطَيُّبِ لَا مِنْ الصَّيْدِ، وَهَذَا عَجَبٌ جِدًّا.

وَأَيْضًا فَالْقَوْمُ أَصْحَابُ قِيَاسٍ، وَهُمْ قَدْ أَبَاحُوا لِبَاسَ الْقُمُصَ، وَالسَّرَاوِيلَ وَغَيْرَ ذَلِكَ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، وَحَلْقِ الرَّأْسِ، وَمَنَعُوا مِنْ الصَّيْدِ، وَالطِّيبِ.

فَإِنْ قَالُوا: قِسْنَاهُ عَلَى الْجِمَاعِ؟ قُلْنَا: هَذَا قِيَاسٌ فَاسِدٌ، لِأَنَّ اللِّبَاسَ، وَالْحَلْقَ، وَالطِّيبَ، وَالصَّيْدَ عِنْدَكُمْ خَبَرٌ وَاحِدٌ، وَحُكْمٌ وَاحِدٌ فِي أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِهِ الْحَجُّ فِي الْإِحْرَامِ، وَكَانَ لِلْجِمَاعِ خَبَرٌ آخَرُ، لِأَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِهِ الْحَجُّ فِي الْإِحْرَامِ؛ فَلَوْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا لَكَانَ قِيَاسُ الطِّيبِ، وَالصَّيْدِ، عَلَى اللِّبَاسِ، وَالْحَلْقُ أَوْلَى مِنْ قِيَاسِهِ عَلَى الْجِمَاعِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَأَمَّا قَوْلُنَا -: إنْ نَهَضَ إلَى مَكَّةَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا - لَا رَمَلَ فِيهَا - وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، إنْ كَانَ مُتَمَتِّعًا، أَوْ لَمْ يَسْعَ إنْ كَانَ قَارِنًا، وَكَانَ قَدْ سَعَى بَيْنَهُمَا فِي أَوَّلِ دُخُولِهِ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَقِرَانُهُ، وَحَلَّ لَهُ النِّسَاءُ - فَإِجْمَاعٌ لَا خِلَافَ فِيهِ مَعَ النَّصِّ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٢٩] .

وَأَمَّا قَوْلُنَا -: إنَّهُمْ يَرْجِعُونَ إلَى مِنًى فَيُقِيمُونَ بِهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ بِأَيَّامِهَا - يَرْمُونَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ سَبْعِ حَصَيَاتٍ كُلُّ جَمْرَةٍ يَبْدَأُ بِالْقُصْوَى، ثُمَّ الَّتِي تَلِيهَا؛ ثُمَّ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ الَّتِي رَمَى يَوْمَ النَّحْرِ، وَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَعَمَلُهُ كُلُّهُ - فَإِجْمَاعٌ لَا خِلَافَ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ.

[يَقِفُ لِلدُّعَاءِ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَلَا يَقِفُ عِنْدَ الثَّالِثَةِ]

وَأَمَّا قَوْلُنَا: يَقِفُ لِلدُّعَاءِ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَلَا يَقِفُ عِنْدَ الثَّالِثَةِ؛ فَلِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَا طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ نَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ «عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ كَانَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ الدُّنْيَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ عَلَى إثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ ثُمَّ يَتَقَدَّمُ حَتَّى يُسْهِلَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فَيَقُومُ

<<  <  ج: ص:  >  >>