للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قِيلَ: فَإِنَّ وَكِيعًا رَوَى هَذَا الْخَبَرَ فَجَعَلَ قَوْلَهَا، وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ هَدْيٌ وَلَا صَوْمٌ مِنْ قَوْلِ هِشَامٍ؟ قُلْنَا: فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ نُمَيْرٍ، وَعَبْدَةَ جَعَلَاهُ مِنْ كَلَامِ عَائِشَةَ، وَمَا ابْنُ نُمَيْرٍ دُونَ وَكِيعٍ فِي الْحِفْظِ، وَالثِّقَةِ، وَكَذَلِكَ عَبْدَةٌ؛ وَكِلَا الرِّوَايَتَيْنِ حَقٌّ قَالَتْهُ هِيَ، وَقَالَهُ هِشَامٌ، وَنَحْنُ أَيْضًا نَقُولُهُ.

فَإِنْ قِيلَ: قَدْ صَحَّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَهْدَى عَنْ نِسَائِهِ الْبَقَرَ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، وَقَدْ بَيَّنَ مَعْنَى ذَلِكَ الْإِهْدَاءِ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ كَانَ أَضَاحِيَ، لَا هَدْيَ مُتْعَةٍ، وَلَا هَدْيًا عَنْ قِرَانٍ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَقَالُوا: قَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَجَابِرٍ وُجُوبُ الْهَدْيِ عَلَى الْقَارِنِ؟ قُلْنَا: أَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ عُمَرَ فَإِنَّهَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عُمَرَ، فَعَبْدُ السَّلَامِ ضَعِيفٌ، وَأَبُو مَعْشَرٍ مِثْلُهُ، وَإِبْرَاهِيمُ لَمْ يُولَدْ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ جَابِرٍ فَرُوِّينَاهَا مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ سَأَلَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَنْ يَقْرِنَ بَيْنَ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ بِغَيْرِ هَدْيٍ؟ فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنَّا فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَمُوسَى ضَعِيفٌ، وَبَعْضُ أَصْحَابِهِ عَجِبَ أَلْبَتَّةَ؛ ثُمَّ لَوْ صَحَّتْ لَكَانَتْ مُوَافِقَةً لِقَوْلِنَا؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهَا الْمَنْعُ مِنْ الْقِرَانِ دُونَ أَنْ يَسُوقَ مَعَ نَفْسِهِ هَدْيًا، وَهَكَذَا نَقُولُ.

ثُمَّ لَوْ صَحَّ ذَلِكَ عَنْهُمَا لَكَانَ لَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكَانَ قَدْ خَالَفَهُمَا غَيْرُهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ كَمَا ذَكَرْنَا آنِفًا عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ.

وَرُوِّينَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ كَثِيرِ بْنِ جُمْهَانَ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ مَعَ قَوْمٍ عَنْ رَجُلٍ أَحْرَمَ بِالْقِرَانِ مَا كَفَّارَتُهُ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: كَفَّارَتُهُ أَنْ يَرْجِعَ بِأَجْرَيْنِ، وَيَرْجِعُونَ بِأَجْرٍ - فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ هَدْيٌ لَأَفْتَاهُمْ بِهِ؟ وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَرَنَ بَيْنَ حَجٍّ، وَعُمْرَةٍ، وَلَمْ يُهْدِ قَالَ الْحَكَمُ: وَقَرَنَ أَيْضًا شُرَيْحٌ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَلَمْ يُهْدِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>