للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نَا قُتَيْبَةُ نَا اللَّيْثُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «أَقْبَلَتْ عَائِشَةُ بِعُمْرَةٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ حِضْتُ وَقَدْ حَلَّ النَّاسُ وَلَمْ أَحِلَّ وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَالنَّاسُ يَذْهَبُونَ إلَى الْحَجِّ الْآنَ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ فَاغْتَسِلِي وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ» .

«وَلِأَمْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ إذْ وَلَدَتْ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ بِالشَّجَرَةِ أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ» ؛ وَنَحْنُ قَاطِعُونَ بِائْتِمَارِهَا لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَأَنَّهُمَا لَوْ لَمْ يَغْتَسِلَا لَكَانَتَا عَاصِيَتَيْنِ، وَقَدْ أَعَاذَهُمَا اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - مِنْ ذَلِكَ.

[مَسْأَلَةٌ تَعَمَّدَ مَعْصِيَة وَهُوَ ذَاكِرٌ لِحَجِّهِ]

٨٥٠ - مَسْأَلَةٌ: وَكُلُّ مَنْ تَعَمَّدَ مَعْصِيَةً أَيَّ مَعْصِيَةٍ كَانَتْ - وَهُوَ ذَاكِرٌ لِحَجِّهِ مُذْ يُحْرِمُ إلَى أَنْ يُتِمَّ طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ لِلْإِفَاضَةِ وَيَرْمِيَ الْجَمْرَةَ - فَقَدْ بَطَلَ حَجُّهُ؛ فَإِنْ أَتَاهَا نَاسِيًا لَهَا، أَوْ نَاسِيًا لِإِحْرَامِهِ وَدُخُولِهِ فِي الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي نِسْيَانِهَا، وَحَجُّهُ وَعُمْرَتُهُ تَامَّانِ فِي نِسْيَانِهِ كَوْنَهُ فِيهِمَا، وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللَّهِ - تَعَالَى -: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٧] فَكَانَ مِنْ شَرْطِ اللَّهِ - تَعَالَى - فِي الْحَجِّ بَرَاءَتُهُ مِنْ الرَّفَثِ وَالْفُسُوقِ، فَمَنْ لَمْ يَتَبَرَّأْ مِنْهُمَا فَلَمْ يَحُجَّ كَمَا أُمِرَ، وَمَنْ لَمْ يَحُجَّ كَمَا أُمِرَ فَلَا حَجَّ لَهُ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» وَمِنْ عَجَائِبِ الدُّنْيَا إبْطَالُهُمْ الْحَجَّ بِتَقْبِيلِهِ امْرَأَتَهُ الْمُبَاحَةَ لَهُ فَيُمْنِي وَلَمْ يَنْهَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - قَطُّ عَنْ هَذَا؛ ثُمَّ لَا يُبْطِلُونَهُ بِالْفُسُوقِ مِنْ قَتْلِ النَّفْسِ الْمُحَرَّمَةِ، وَتَرْكِ الصَّلَاةِ، وَسَائِرِ الْفُسُوقِ إنَّ هَذَا لَعَجَبٌ وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ إبْطَالُ أَبِي حَنِيفَةَ الْحَجَّ بِوَطْءِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ نَاسِيًا لِإِحْرَامِهِ وَقَدْ صَحَّ أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - لَا يُؤَاخِذُ بِالنِّسْيَانِ، قَالَ - تَعَالَى -: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: ٥] ثُمَّ لَا يُبْطِلُ الْحَجَّ بِتَعَمُّدِ الْقَصْدِ إلَى أَنْ يَلُوطَ فِي إحْرَامِهِ أَوْ يُلَاطَ بِهِ، فَهَلْ فِي الْفَضَائِحِ وَالْقَبَائِحِ أَكْثَرُ مِنْ هَذِهِ الْمُصِيبَةِ؟ وَأَعْجَبُ شَيْءٍ دَعْوَاهُمْ الْإِجْمَاعَ عَلَى هَذَا وَلَا سَبِيلَ إلَى أَنْ يَأْتُوا بِرِوَايَةٍ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي أَنَّ تَعَمُّدَ الْفُسُوقِ لَا يُبْطِلُ بَلْ الرِّوَايَاتُ عَنْ السَّلَفِ تَشْهَدُ لِقَوْلِنَا.

وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ: إنَّا لَنُحْرِمُ مِنْ الْمِيقَاتِ وَأَخْشَى أَنْ لَا أَخْرُجَ مِنْهُ حَتَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>