للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ «أَنَّ النَّاسَ نَزَلُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْضَ ثَمُودَ الْحِجْرَ وَاسْتَقَوْا مِنْ بِئْرِهَا وَاعْتَجَنُوا، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُهَرِيقُوا مَا اسْتَقَوْا مِنْ بِئَارِهَا، وَأَنْ يَعْلِفُوا الْإِبِلَ الْعَجِينَ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَقُوا مِنْ الْبِئْرِ الَّتِي كَانَتْ تَرِدُهَا النَّاقَةُ» قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هِيَ مَعْرُوفَةٌ بِتَبُوكَ.

[مَسْأَلَة عدم صِحَّة الْوُضُوء وَالْغُسْل بِمَاء الْعَصِير مُطْلَقًا]

١٥٥ - مَسْأَلَةٌ: وَكُلُّ مَاءٍ اُعْتُصِرَ مِنْ شَجَرٍ، كَمَاءِ الْوَرْدِ وَغَيْرِهِ، فَلَا يَحِلُّ الْوُضُوءُ بِهِ لِلصَّلَاةِ، وَلَا الْغُسْلُ بِهِ لِشَيْءٍ مِنْ الْفَرَائِضِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مَاءً، وَلَا طَهَارَةَ إلَّا بِالْمَاءِ وَالتُّرَابِ أَوْ الصَّعِيدِ عِنْدَ عَدَمِهِ.

[مَسْأَلَة بَيَان الْمِيَاه الْجَائِز التَّطْهِير بِهَا]

١٥٦ - مَسْأَلَةٌ: وَالْوُضُوءُ لِلصَّلَاةِ وَالْغُسْلُ لِلْفُرُوضِ جَائِزٌ بِمَاءِ الْبَحْرِ وَبِالْمَاءِ الْمُسَخَّنِ وَالْمُشَمَّسِ وَبِمَاءٍ أُذِيبَ مِنْ الثَّلْجِ أَوْ الْبَرَدِ أَوْ الْجَلِيدِ أَوْ مِنْ الْمِلْحِ الَّذِي كَانَ أَصْلُهُ مَاءً وَلَمْ يَكُنْ أَصْلُهُ مَعْدِنًا. بُرْهَانُ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَا ذَكَرْنَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ مَاءٍ، وَقَالَ تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: ٤٣] وَالْمِلْحُ كَانَ مَاءً ثُمَّ جَمَدَ كَمَا يَجْمُدُ الثَّلْجُ، فَسَقَطَ عَنْ كُلِّ ذَلِكَ اسْمُ الْمَاءِ، فَحَرُمَ الْوُضُوءُ لِلصَّلَاةِ بِهِ وَالْغُسْلُ لِلْفُرُوضِ، فَإِذَا صَارَ مَاءً عَادَ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَاءِ، فَعَادَ حُكْمُ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ بِهِ كَمَا كَانَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمِلْحُ الْمَعْدِنِيُّ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَطُّ مَاءً. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَفِي بَعْضِ هَذَا خِلَافٌ قَدِيمٌ: رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ الْوُضُوءَ لِلصَّلَاةِ وَالْغُسْلَ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ لَا يَجُوزُ وَلَا يُجْزِئُ، وَلَقَدْ كَانَ يَلْزَمُ مَنْ يَقُولُ بِتَقْلِيدِ الصَّاحِبِ وَيَقُولُ إذَا وَافَقَهُ قَوْلُهُ: " مِثْلُ هَذَا لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ " أَنْ يَقُولَ بِقَوْلِهِمْ هَهُنَا. وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِالْعُمُومِ، لِأَنَّ الْخَبَرَ «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» لَا يَصِحُّ. وَلِذَلِكَ لَمْ نَحْتَجَّ بِهِ. وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ الْكَرَاهَةُ لِلْمَاءِ الْمُسَخَّنِ وَعَنْ الشَّافِعِيِّ الْكَرَاهَةُ لِلْمَاءِ الْمُشَمَّسِ، وَكُلُّ هَذَا لَا مَعْنَى لَهُ، وَلَا حُجَّةَ لَا فِي قُرْآنٍ أَوْ سُنَّةٍ ثَابِتَةٍ أَوْ إجْمَاعٍ مُتَيَقَّنٍ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>