للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمُحْصَرُ إذَا صُدَّ فَقَدْ بَلَغَ هَدْيُهُ مَحِلَّهُ فَلَهُ أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ إنْ كَانَ مَعَ هَؤُلَاءِ هَدْيٌ، وَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَطُّ: إنَّ الْمُحْصَرَ لَا يُحِلُّ حَتَّى يَبْلُغَ هَدْيُهُ مَكَّةَ، بَلْ هُوَ الْكَذِبُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مِمَّنْ نَسَبَهُ إلَيْهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ فَظَهَرَ خَطَأُ هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ.

وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، فِي الْإِحْصَارِ، فَلَا يُحْفَظُ قَوْلٌ مِنْهَا - بِتَمَامِهِ وَتَقْسِيمِهِ - عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَصْلًا.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَوَجَبَ الرُّجُوعُ عِنْدَ التَّنَازُعِ إلَى مَا افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى الرُّجُوعَ إلَيْهِ إذْ يَقُولُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [النساء: ٥٩] .

فَوَجَدْنَا حُكْمَ الْإِحْصَارِ يَرْجِعُ -: إلَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦] فَكَانَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عُمُومُ إيجَابِ الْهَدْيِ عَلَى كُلِّ مَنْ أُحْصِرَ بِأَيِّ وَجْهٍ أُحْصِرَ.

وَإِلَى «فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ صَدَّهُ الْمُشْرِكُونَ عَنْ الْبَيْتِ فَنَحَرَ وَحَلَقَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَحَلُّوا بِالْحُدَيْبِيَةِ» .

وَإِلَى «أَمْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَنْ حَجَّ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ إنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي» وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ.

وَإِلَى مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ نَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَصْرِيُّ نَا سُفْيَانُ هُوَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ الْحَجَّاجِ الصَّوَّافِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيِّ قَالَ " سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرَجَ فَقَدْ حَلَّ وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى» فَسَأَلْت ابْنَ عَبَّاسٍ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ؟ فَقَالَا: صَدَقَ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>