للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَكِبْتِ؟ قَالَتْ: لَا، قَالَ: أَلَكِ ابْنَةٌ تَمْشِي عَنْك؟ قَالَتْ: لِي ابْنَتَانِ هُمَا فِي أَنْفُسِهِمَا أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ: فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إلَيْهِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذِهِ أُمُّ مَحَبَّةَ الَّتِي عَوَّلُوا عَلَى رِوَايَتِهَا فِي بَيْعِ الْعَبْدِ مِنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ إلَى أَجَلٍ بِثَمَانِمِائَةٍ وَابْتِيَاعِهَا إيَّاهُ مِنْهُ بِسِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَمَرَّةً يُقَلِّدُونَ رِوَايَتَهَا حَيْثُ اشْتَهَوْا، وَمَرَّةً يَطْرَحُونَهَا؛ وَالْحُجَّةُ إنَّمَا هِيَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا فِي رَأْيِهِ وَقَدْ يَهِمُ وَيَنْسَى، وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا أَخَذُوا بِهِ مِمَّا رَوَاهُ الصَّاحِبُ وَخَالَفَهُ كَرِوَايَةِ عَائِشَةَ تَحْرِيمَ الرَّضَاعِ بِلَبَنِ الْفَحْلِ، ثُمَّ كَانَتْ لَا تُدْخِلُ عَلَيْهَا مَنْ أَرْضَعَهُ نِسَاءُ إخْوَتِهَا.

وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ: مَنْ نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ فَلْيَرْكَبْ وَلِيُهْدِ هَدْيًا -.

وَرُوِّينَا عَنْهُ أَيْضًا يُهْدِي بَدَنَةً.

وَعَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَابْنِ عُمَرَ: يَمْشِي فَإِذَا أَعْيَا يَرْكَبُ وَيَعُودُ مِنْ قَابِلٍ فَيَرْكَبُ مَا مَشَى وَيَمْشِي مَا رَكِبَ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَمْشِي فَإِنْ رَكِبَ فَلْيُهْدِ شَاةً فَمَا فَوْقَهَا.

وَقَالَ مَالِكٌ فِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْهُ: يَمْشِي، فَإِنْ عَجَزَ رَكِبَ وَأَهْدَى شَاةً فَمَا فَوْقَهَا - وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمُ أَنَّهُ يَمْشِي فَإِذَا أَعْيَا رَكِبَ وَيَعْرِفُ الْمَوْضِعَ الَّذِي رَكِبَ مِنْهُ فَإِذَا كَانَ مِنْ قَابِلٍ رَجَعَ فَمَشَى مَا رَكِبَ وَرَكِبَ مَا مَشَى فَإِنْ كَانَ رُكُوبُهُ يَوْمًا فَأَقَلَّ لَمْ يَرْجِعْ لِذَلِكَ وَلَكِنْ عَلَيْهِ الْهَدْيُ، فَإِنْ رَكِبَ مِنْ مَكَّةَ إلَى مِنًى إلَى عَرَفَةَ إلَى مُزْدَلِفَةَ إلَى مِنًى إلَى مَكَّةَ رَجَعَ مِنْ قَابِلٍ فَمَشَى كُلَّ ذَلِكَ بِخِلَافِ الرُّكُوبِ يَوْمًا فِي الطَّرِيقِ وَعَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ هَدْيٌ - فَإِنْ كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا مَشَى وَلَوْ نِصْفَ مِيلٍ؛ ثُمَّ رَكِبَ وَيُهْدِي وَلَا يَرْجِعُ ثَانِيَةً.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَمْشِي فَإِنْ أَعْيَا رَكِبَ وَعَلَيْهِ هَدْيٌ غَيْرُ وَاجِبٍ، وَلَكِنْ احْتِيَاطًا.

وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ كَقَوْلِنَا: إنْ عَجَزَ رَكِبَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

فَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فَتَقْسِيمٌ لَا يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ قَبْلَهُ، وَخِلَافٌ لِكُلِّ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ الصَّحَابَةِ، وَقَوْلٌ لَا دَلِيلَ عَلَى صِحَّتِهِ.

وَرُوِّينَا عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ عَطَاءٍ فِيمَنْ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ الْمَشْيَ إلَى الْبَيْتِ قَالَ: يَمْشِي مِنْ حَيْثُ نَوَى فَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَلْيَرْكَبْ فَإِذَا دَخَلَ الْحَرَمَ مَشَى إلَى الْبَيْتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>