للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩٠٣ - مَسْأَلَةٌ:

فَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا، أَوْ يَعْتَمِرَ مَاشِيًا فَكَمَا ذَكَرْنَا وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ إلَّا مُذْ يُحْرِمُ إلَى أَنْ يُتِمَّ مَنَاسِكَ عَمَلِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْحَجُّ، فَإِنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَكَّةَ فَكَمَا قَالَ عَطَاءٌ: مِنْ حَيْثُ نَوَى، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ فَلْيَمْشِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ مَشْيٍ وَلْيَرْكَبْ غَيْرَ ذَلِكَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَوْفَى بِمَا نَذَرَ - وَبِاَللَّهِ - تَعَالَى - التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ دُخُولُ مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ]

٩٠٤ - مَسْأَلَةٌ:

وَدُخُولُ مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إنَّمَا جَعَلَ الْمَوَاقِيتَ لِمَنْ مَرَّ بِهِنَّ يُرِيدُ حَجًّا، أَوْ عُمْرَةً، وَلَمْ يَجْعَلْهَا لِمَنْ لَمْ يُرِدْ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً، فَلَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ - تَعَالَى - قَطُّ، وَلَا رَسُولُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِأَنْ لَا يَدْخُلَ مَكَّةَ إلَّا بِإِحْرَامٍ فَهُوَ إلْزَامُ مَا لَمْ يَأْتِ فِي الشَّرْعِ إلْزَامُهُ.

وَرُوِّينَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مَكَّةَ إلَّا مُحْرِمًا.

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ رَجَعَ مِنْ بَعْضِ الطَّرِيقِ فَدَخَلَ مَكَّةَ غَيْرَ مُحْرِمٍ.

وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ: لَا بَأْسَ بِدُخُولِ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَمَّا مَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ بِحَيْثُ يَكُونُ الْمِيقَاتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَلَا يَدْخُلُهَا إلَّا بِإِحْرَامٍ بِعُمْرَةٍ أَوْ حَجَّةٍ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ بَيْنَ الْمِيقَاتِ وَمَكَّةَ أَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمِيقَاتِ فَلَهُ دُخُولُ مَكَّةَ وَلَا إحْرَامَ.

وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مَكَّةَ إلَّا بِإِحْرَامٍ إلَّا مَنْ اخْتَلَفَ مِنْ الطَّائِفِ وَعُسْفَانَ، بِالْحَطَبِ، وَالْفَاكِهَةِ: فَلَهُ دُخُولُهَا بِلَا إحْرَامٍ، وَإِلَّا الْعَبِيدَ فَلَهُمْ دُخُولُهَا بِلَا إحْرَامٍ، وَإِلَّا مَنْ خَرَجَ مِنْهَا، ثُمَّ رَجَعَ مِنْ قُرْبٍ فَلَهُ دُخُولُهَا بِلَا إحْرَامٍ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَدْخُلُهَا أَحَدٌ إلَّا بِإِحْرَامٍ.

فَأَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فَفِي غَايَةِ الْفَسَادِ؛ لِأَنَّهُ تَقْسِيمٌ لَا يُعْقَلُ وَلَا لَهُ وَجْهٌ، وَفِيهِ إيجَابُ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ لَمْ يُوجِبْهَا اللَّهُ - تَعَالَى - وَلَا رَسُولُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؛ وَإِنَّمَا يَجِبُ فِي الدِّينِ مَرَّةً فِي الدَّهْرِ إلَّا مَنْ نَذَرَ ذَلِكَ فَيَجِبُ أَنْ يَفِيَ بِنَذْرِهِ بِالنَّصِّ، وَقَوْلُ مَالِكٍ أَيْضًا: كَذَلِكَ سَوَاءٌ سَوَاءٌ - وَمَا نَعْرِفُ لَهُمَا فِي هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ سَلَفًا أَصْلًا.

وَالْعَجَبُ مِنْ احْتِجَاجِ مَنْ احْتَجَّ فِي ذَلِكَ «بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَكَّةَ إنَّهَا حَرَامٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>