للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَهْلَ ذِمَّةٍ، أَوْ عَبِيدًا، أَوْ إمَاءً لِلْمُسْلِمِينَ، أَوْ مَالًا لِمُسْلِمٍ، أَوْ لِذِمِّيٍّ: فَإِنَّهُ يُنْتَزَعُ كُلُّ ذَلِكَ مِنْهُمْ بِلَا عِوَضٍ أَحَبُّوا أَمْ كَرِهُوا. وَيُرَدُّ الْمَالُ إلَى أَصْحَابِهِ، وَلَا يَحِلُّ لَنَا الْوَفَاءُ بِكُلِّ عَهْدٍ أُعْطُوهُ عَلَى خِلَافِ هَذَا؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ» .

وَنَسْأَلُ مَنْ خَالَفَنَا مَا يَقُولُ لَوْ عَاهَدْنَاهُمْ عَلَى أَنْ لَا نُصَلِّيَ، أَوْ لَا نَصُومَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَسْلَمُوا، أَوْ تَذَمَّمُوا فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ كُلُّ مَا فِي أَيْدِيهمْ مِنْ حُرٍّ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ، أَوْ لِمُسْلِمٍ، أَوْ لِذِمِّيٍّ، وَيُرَدُّ إلَى أَصْحَابِهِ بِلَا عِوَضٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ فِيمَا اسْتَهْلَكُوا فِي حَالِ كَوْنِهِمْ حَرْبِيِّينَ.

وَلَوْ أَنَّ تَاجِرًا؛ أَوْ رَسُولًا دَخَلَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ فَافْتَدَى أَسِيرًا، أَوْ أَعْطَوْهُ إيَّاهُ، أَوْ ابْتَاعَ مَتَاعًا لِمُسْلِمٍ أَوْ لِذِمِّيٍّ أَوْ وَهَبُوهُ لَهُ، فَخَرَجَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ: اُنْتُزِعَ مِنْهُ كُلُّ ذَلِكَ، وَرُدَّ إلَى صَاحِبِهِ، وَهُوَ مِنْ خَسَارَةِ الْمُشْتَرِي، وَأُطْلِقَ الْأَسِيرُ بِلَا غَرَامَةٍ لِمَا ذَكَرنَا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا مِنْ أَنَّ أَبْطَلَ الْبَاطِلِ، وَأَظْلَمَ الظُّلْمِ: أَخْذُ الْمُشْرِكِ لِلْمُسْلِمِ، أَوْ لِمَالِهِ، أَوْ لِذِمِّيٍّ أَوْ لِمَالِهِ، وَالظُّلْمُ لَا يَجُوزُ إمْضَاؤُهُ بَلْ يُرَدُّ وَيُفْسَخُ.

فَلَوْ أَنَّ الْأَسِيرَ قَالَ لِمُسْلِمٍ، أَوْ لِذِمِّيٍّ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ: افْدِنِي مِنْهُمْ، وَمَا تُعْطِيهِمْ دَيْنٌ لَك عَلَيَّ، فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ اسْتَقْرَضَهُ فَأَقْرَضَهُ، وَهَذَا حَقٌّ.

وَقَالَ مَالِكٌ، وَابْنُ الْقَاسِمِ: لَوْ نَزَلَ حَرْبِيُّونَ بِأَمَانٍ وَعِنْدَهُمْ مُسْلِمَاتٌ مَأْسُورَاتٌ: لَمْ يُنْتَزَعْنَ مِنْهُمْ، وَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ الْوَطْءِ لَهُنَّ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَوْ تَذَمَّمَ حَرْبِيُّونَ وَبِأَيْدِيهِمْ أَسْرَى مُسْلِمُونَ أَحْرَارٌ: فَهُمْ بَاقُونَ فِي أَيْدِي أَهْلِ الذِّمَّةِ عَبِيدٌ لَهُمْ كَمَا كَانُوا.

وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ لَا نَعْلَمُ قَوْلًا أَعْظَمَ فَسَادًا مِنْهُمَا، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْهُمَا، وَلَيْتَ شِعْرِي مَا الْقَوْلُ لَوْ كَانَ بِأَيْدِيهِمْ شُيُوخٌ مُسْلِمُونَ وَهُمْ يَسْتَحِلُّونَ فِعْلَ قَوْمِ لُوطٍ أَيُتْرَكُونَ وَذَلِكَ؟ أَوْ لَوْ أَنَّ بِأَيْدِيهِمْ مَصَاحِفَ أَيُتْرَكُونَ يَمْسَحُونَ بِهَا الْعَذِرَ عَنْ أَسْتَاهِهِمْ؟ نَبْرَأُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ هَذَا الْقَوْلِ أَتَمَّ الْبَرَاءَةِ - وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْخِذْلَانِ. ٩٣٣ - مَسْأَلَةٌ:

فَإِنْ ذَكَرُوا حَدِيثَ أَبِي جَنْدَلٍ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّهُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ - فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لِوُجُوهٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>