للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَسُئِلَ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ أُمِّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ أَسْلَمَتْ؟ فَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: يُفَرِّقُ الْإِسْلَامُ بَيْنَهُمَا وَتَعْتِقُ.

قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: لَا تَعْتِقُ حَتَّى يُدْعَى هُوَ إلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَبَى عَتَقَتْ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: كِلَاهُمَا قَدْ أَوْجَبَ عِتْقَهَا، وَلَا مَعْنَى لِتَأَنِّي عَرْضِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ.

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: مَضَتْ السُّنَّةُ أَنْ لَا يَسْتَرِقَّ كَافِرٌ مُسْلِمًا.

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِيمَنْ أَسْلَمَ مِنْ رَقِيقِ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَنْ يُبَاعُوا وَلَا يُتْرَكُونَ يَسْتَرِقُّونَهُمْ، وَيُدْفَعُ أَثْمَانُهُمْ إلَيْهِمْ، فَمَنْ قَدَرْت عَلَيْهِ بَعْدَ تَقَدُّمِك إلَيْهِ اسْتَرَقَّ شَيْئًا مِنْ سَبْيِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ قَدْ أَسْلَمَ وَصَلَّى فَأَعْتِقْهُ.

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي بَعْضُ أَهْلِ أَرْضِنَا أَنَّ نَصْرَانِيًّا أَعْتَقَ مُسْلِمًا فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَعْطُوهُ قِيمَتَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَدْ رَأَى عِتْقَهُ لَهُ غَيْرَ نَافِذٍ وَرَأَى وَلَاءَهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَهَذَا هُوَ نَصُّ قَوْلِنَا، وَأَمَّا إعْطَاؤُهُ قِيمَتَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَلَا نَقُولُ بِهَذَا: فَإِنَّهُ لَا حَقِّ لِلْكُفَّارِ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ.

[مَسْأَلَةٌ مِنْ سُبِيَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ مِنْ الرِّجَالِ وَلَهُ زَوْجَةٌ]

٩٤٤ - مَسْأَلَةٌ:

وَمَنْ سُبِيَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ مِنْ الرِّجَالِ وَلَهُ زَوْجَةٌ، أَوْ مِنْ النِّسَاءِ وَلَهَا زَوْجٌ فَسَوَاءٌ سُبِيَ مَعَهَا، أَوْ لَمْ يُسْبَ مَعَهَا، وَلَا سُبِيَتْ مَعَهُ فَهُمَا عَلَى زَوْجِيَّتِهِمَا فَإِنْ أَسْلَمَتْ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا حِينَ تُسْلِمْ لِمَا قَدَّمْنَا

وَأَمَّا بَقَاءُ الزَّوْجِيَّةِ فَلِأَنَّ نِكَاحَ أَهْلِ الشِّرْكَ صَحِيحٌ قَدْ أَقَرَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِ، وَلَمْ يَأْتِ نَصٌّ بِأَنَّ سِبَاءَهُمَا، أَوْ سَبَاءَ أَحَدِهِمَا يَفْسَخُ نِكَاحَهُمَا.

فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٢٤] قُلْنَا: نَعَمْ، إذَا أَسْلَمَتْ حَلَّتْ لِسَيِّدِهَا الْمُسْلِمِ، وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى عُمُومِهَا لَكَانَ مَنْ لَهُ أَمَةٌ نَاكِحٌ تَحِلُّ لَهُ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُ يَمِينِهِ، وَهَذَا مَا لَا يَقُولُهُ الْحَاضِرُونَ مِنْ خُصُومِنَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>