للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ جَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ، أَوْ شِرَاكَيْنِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: شِرَاكٌ، أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ» وَالطَّعَامُ مِنْ جُمْلَةِ أَمْوَالِهِمْ.

فَإِنْ ذَكَر ذَاكِرٌ مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُمَرَ «غَنِمَ جَيْشٌ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَعَامًا وَعَسَلًا فَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُمْ الْخُمُسُ» فَهَذَا عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إنْ كَثُرَ ذَلِكَ وَأَمْكَنَ حَمْلُهُ خُمِّسَ وَلَا بُدَّ، وَأَمَّا نَحْنُ فَإِنَّ الْآيَةَ زَائِدَةٌ عَلَى مَا فِي هَذَا الْخَبَرِ، وَهِيَ قَوْله تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى} [الأنفال: ٤١] .

وَحَدِيثُ الْغُلُولِ زَائِدٌ عَلَيْهِ، فَيَخْرُجُ هَذَا الْخَبَرُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ الْخُمْسِ لَا يَجُوزُ إلَّا هَذَا؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالزَّائِدِ فَرْضٌ لَا يَحِلُّ تَرْكُهُ، وَنَحْنُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّ الْآيَةَ، وَحَدِيثَ الْغُلُولِ غَيْرُ مَنْسُوخَيْنِ مُذْ نَزَلَا.

فَإِنْ ذَكَرُوا أَيْضًا حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ " كُنَّا نُصِيبُ فِي مَغَازِينَا الْعِنَبَ وَالْعَسَلَ فَنَأْكُلُهُ وَلَا نَرْفَعُهُ " فَهَذَا بَيِّنٌ وَهُوَ أَنَّهُ كَانَ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ؛ إذْ لَمْ يَرْفَعُوهُ فَأَكْلُهُ خَيْرٌ مِنْ إفْسَادِهِ، أَوْ تَرْكِهِ، وَهَكَذَا نَقُولُ.

فَإِنْ ذَكَرُوا حَدِيثَ ابْنِ مُغَفَّلٍ فِي جِرَابِ الشَّحْمِ، فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لِأَنَّهُمْ أَوَّلُ مُخَالِفٍ لَهُ فَيَقُولُونَ: لَا يَحِلُّ أَخْذُ الْجِرَابِ وَإِنَّمَا يَحِلُّ عِنْدَ بَعْضِهِمْ الشَّحْمُ فَقَطْ. وَهَذَا خَبَرٌ قَدْ رُوِّينَاهُ بِزِيَادَةِ بَيَانٍ، كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ نَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ نَا عَفَّانَ بْنُ مُسْلِمٍ، وَمُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ قَالَا: نَا شُعْبَةُ عَنْ حَمِيدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ «كُنَّا مُحَاصِرِي خَيْبَرَ فَدُلِّيَ إلَيْنَا جِرَابٌ فِيهِ شَحْمٌ فَأَرَدْتُ أَنْ آخُذَهُ وَنَوَيْنَا أَنْ لَا نُعْطِيَ أَحَدًا مِنْهُ شَيْئًا فَالْتَفَتُّ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَلْفِي يَبْتَسِمُ، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ آخُذَهُ» .

ثُمَّ لَوْ صَحَّ أَنَّهُ أَخَذَهُ لَكَانَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْحَاجَةِ إلَيْهِ. يُبَيِّنُ ذَلِكَ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>