للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: يُجْزِي مِنْ الْإِبِلِ الْجَذَعُ فَصَاعِدًا.

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ يَقُولُ: يُضَحَّى بِالْجَذَعِ مِنْ الْإِبِلِ، وَالْبَقَرِ عَنْ ثَلَاثَةٍ، وَمَا دُونَ الْجَذَعِ مِنْ الْإِبِلِ عَنْ وَاحِدٍ - فَهَذِهِ أَسَانِيدُ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ.

وَعَنْ طَاوُسٍ، وَعَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ فِي جَوَازِ الْجَذَعِ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ فِي الْأَضَاحِيِّ.

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ جَوَازُ الْجَذَعِ مِنْ الْإِبِلِ فِي الْبُدْنِ.

فَإِنْ قِيلَ: قَدْ رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ كَرَاهَةُ ذَلِكَ؟ قُلْنَا: رَوَاهُ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَهُوَ سَاقِطٌ، وَلَا يُعَارِضُ بِهِ ابْنَ جُرَيْجٍ إلَّا جَاهِلٌ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَالنَّاسِخُ لِهَذَا كُلِّهِ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُجْزِي جَذَعَةٌ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ» وَمِنْ الْبَاطِلِ الْبَحْتِ أَنْ يُجْعَلَ هَذَا الْقَوْلُ نَاسِخًا لِإِبَاحَةِ بَعْضِ الْجِذَاعِ دُونَ بَعْضٍ، وَالْعَجَبُ أَنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوا فِي النَّهْيِ عَنْ الْجِذَاعِ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ خَبَرًا أَصْلًا إلَّا هَذَا اللَّفْظَ فَمِنْ أَيْنَ خَصُّوا بِهِ جِذَاعَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ دُونَ جِذَاعِ الضَّأْنِ.

فَإِنْ قَالُوا: قِسْنَا جِذَاعَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ عَلَى جِذَاعِ الْمَاعِزِ؟ قُلْنَا: وَهَلَّا قِسْتُمُوهَا عَلَى جِذَاعِ الضَّأْنِ الْجَائِزَةِ عِنْدَكُمْ، وَمَا الَّذِي جَعَلَ قِيَاسَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ عَلَى الْمَاعِزِ أَوْلَى مِنْ قِيَاسِهَا عَلَى الضَّأْنِ؟ لَا سِيَّمَا وَالْجَذَعُ عِنْدَكُمْ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ يَجْزِيَانِ فِي الزَّكَاةِ، فَهَلَّا قِسْتُمْ جَوَازَهَا فِي الْأُضْحِيَّةِ عَلَى جَوَازِهَا فِي الزَّكَاةِ - فَلَاحَ أَنَّهُمْ لَا النَّصَّ اتَّبَعُوا، وَلَا الْقِيَاسَ عَرَفُوا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَيَقُولُونَ أَيْضًا: إنْ وَلَدَتْ الْأُضْحِيَّةُ الشَّاةُ، أَوْ الْمَاعِزُ، أَوْ الْبَقَرَةُ أَوْ النَّاقَةُ ضُحِّيَ بِوَلَدِهَا مَعَهَا - فَتَنَاقَضُوا وَأَجَازُوا فِي الْأُضْحِيَّةِ الصَّغِيرَ جِدًّا.

فَإِنْ قَالُوا: إنَّمَا هُوَ تَبَعٌ؟ قُلْنَا: هَذَا كَلَامٌ فَاسِدٌ لَا مَعْنَى لَهُ، وَعَرِّفُونَا مَا مَعْنَى تَبَعٌ؟ أَهُوَ بَعْضُهَا - فَهَذَا كَذِبٌ بِالْعِيَانِ، بَلْ هُوَ غَيْرُهَا، وَهُوَ ذَكَرٌ وَهِيَ أُنْثَى، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهَا، فَهُوَ قَوْلُنَا، وَلَا فَضْلَ فِي ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>