للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: ١٨٨] .

وَقَالَ تَعَالَى: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ} [البقرة: ٩] فَالْخَدِيعَةِ أَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ.

٩٨٨ - مَسْأَلَةٌ:

فَإِنْ كَانَ اشْتِرَاطَ السَّلَامَةَ فَهِيَ مَيْتَةٌ وَيَضْمَنُ مِثْلَهَا لِلْبَائِعِ وَيَسْتَرِدُّ الثَّمَنَ وَلَا تُؤْكَلُ لِأَنَّ السَّالِمَةَ بِيَقِينٍ لَا شَكَّ فِيهِ هِيَ غَيْرُ الْمَعِيبَةِ.

فَمَنْ اشْتَرَى سَالِمَةً وَأَعْطَى مَعِيبَةً فَإِنَّمَا أَعْطَى غَيْرَ مَا اشْتَرَى، وَإِذَا أَعْطَى غَيْرَ مَا اشْتَرَى فَقَدْ أَخَذَ مَا لَيْسَ لَهُ، وَمَنْ أَخَذَ مَا لَيْسَ لَهُ فَهُوَ حَرَامٌ عَلَيْهِ قَالَ تَعَالَى: {لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٩] .

وَالتَّرَاضِي لَا يَكُونُ إلَّا بِالْمَعْرِفَةِ بِقَدْرِ مَا يَتَرَاضَيَانِ بِهِ لَا بِالْجَهْلِ بِهِ، فَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ الْعَيْبَ فَلَمْ يَرْضَ بِهِ، وَالرِّضَا لَا يَكُونُ إلَّا فِي عَقْدِ الصَّفْقَةِ لَا بَعْدَهُ.

وَمَنْ ذَبَحَ مَالَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ فَقَدْ تَعَدَّى، وَالتَّعَدِّي مَعْصِيَةٌ لِلَّهِ وَظُلْمٌ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالذَّكَاةِ فَهِيَ طَاعَةٌ لَهُ تَعَالَى، وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ طَاعَةَ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرُ مَعْصِيَةٍ، فَالذَّبْحُ الَّذِي هُوَ طَاعَةٌ وَذَكَاةٌ، هُوَ غَيْرُ الذَّبْحِ الَّذِي هُوَ مَعْصِيَةٌ وَعُدْوَانٌ، وَلَا يَحِلُّ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْ الْحَيَوَانِ إلَّا بِالذَّكَاةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا، لَا مِمَّا نَهَى عَنْهُ مِنْ الْعُدْوَانِ؛ فَلَيْسَتْ ذَكِيَّةً فَهِيَ مَيْتَةٌ، وَمَنْ تَعَدَّى بِإِتْلَافِ مَالِ أَخِيهِ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَالصَّفْقَةُ فَاسِدَةٌ فَالثَّمَنُ مَرْدُودٌ.

وَمَنْ خَالَفَنَا فِي هَذَا فَقَدْ تَنَاقَضَ، إذْ حَرَّمَ أَكْلَ مَا ذُبِحَ مِنْ صَيْدِ الْحَرَمِ أَوْ مَا يَصِيدُهُ الْمُحْرِمُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، وَقَدْ أَبَاحَ أَبُو ثَوْرٍ وَغَيْرُهُ أَكْلَ الصَّيْدِ الَّذِي يَقْتُلُهُ الْمُحْرِمُ بِالْعِلَّةِ الَّتِي بِهَا أَبَاحَ هَؤُلَاءِ أَكْلَ مَا ذُبِحَ بِغَيْرِ حَقٍّ.

[مَسْأَلَةٌ أَخْطَأَ فَذَبَحَ أُضْحِيَّةَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ]

٩٨٩ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ أَخْطَأَ فَذَبَحَ أُضْحِيَّةَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَهِيَ مَيْتَةٌ لَا تُؤْكَلُ، وَعَلَيْهِ ضَمَانُهَا لِمَا ذَكَرْنَا.

وَلِلْغَائِبِ أَنْ يَأْمُرَ بِأَنْ يُضَحَّى عَنْهُ وَهُوَ حَسَنٌ، لِأَنَّهُ أَمْرٌ بِمَعْرُوفٍ، فَإِنْ ضُحِّيَ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَهِيَ مَيْتَةٌ لِمَا ذَكَرْنَا، فَلَوْ ضَحَّى عَنْ الصَّغِيرِ أَوْ الْمَجْنُونِ وَلِيُّهُمَا مِنْ مَالِهِمَا فَهُوَ حَسَنٌ، وَلَيْسَتْ مَيْتَةً، لِأَنَّهُ النَّاظِرُ لَهُمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَالِكُ أَمْرِ نَفْسِهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>