للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّبَّاحِ الْعَطَّارُ نا عَبْدُ الْأَعْلَى نا مَعْمَرٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ «عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: اُدْنُهُ يَا بُنَيَّ فَسَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيَكَ» فَلَمْ يَخُصَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - صِنْفًا مِنْ أَصْنَافٍ. وَذَكَرَ الْمُفَرِّقُونَ بَيْنَ ذَلِكَ خَبَرًا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ نا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى نا الْعَلَاءُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سَوِيَّةَ الْمُنْقِرِيُّ نا أَبُو الْهُذَيْلِ حَدَّثَنِي «عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عِكْرَاشِ بْنِ ذُؤَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَوْا بِحَفْنَةٍ مِنْ ثَرِيدٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَا عِكْرَاشُ كُلْ مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ طَعَامٌ وَاحِدٌ ثُمَّ أَتَيْنَا بِطَبَقٍ فِيهِ أَلْوَانٌ مِنْ رُطَبٍ أَوْ تَمْرٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَا عِكْرَاشُ كُلْ مِنْ حَيْثُ شِئْتَ فَإِنَّهُ غَيْرُ طَعَامٍ وَاحِدٍ، قَالَ: وَجَالَتْ يَدُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الطَّبَقِ» فَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْعِكْرَاشِ بْنِ ذُؤَيْبٍ ضَعِيفٌ جِدًّا لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ لَا يَكَادُ يُوجَدُ طَعَامٌ لَا يَكُونُ أَصْنَافًا إلَّا فِي النُّدْرَةِ؛ فَالثَّرِيدُ فِيهِ لَحْمٌ وَخُبْزٌ، وَرُبَّمَا بَصَلٌ وَحِمَّصٌ وَالْمَرَقُ كَذَلِكَ، وَيَكُونُ فِي اللَّحْمِ كَبِدٌ وَشَحْمٌ وَلَحْمٌ وَصُدْرَةٌ وَظَهْرٌ، وَهَكَذَا فِي أَكْثَرِ الْأَشْيَاءِ. فَإِنْ ذَكَرُوا حَدِيثَ أَنَسٍ: «دَعَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ فَجِيءَ بِمَرَقَةٍ فِيهَا دُبَّاءُ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْكُلُ مِنْ ذَلِكَ الدُّبَّاءِ وَتُعْجِبُهُ، قَالَ أَنَسٌ: فَجَعَلْتُ أُلْقِيهِ إلَيْهِ وَلَا أَطْعَمُهُ» . وَفِيهِ أَيْضًا فِي رِوَايَةِ بَعْضِ الثِّقَاتِ: «فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوْلِ الصَّحْفَةِ» فَإِنَّ هَذَا خَبَرٌ صَحِيحٌ.

وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ إنَّمَا هَذَا فِي الدُّبَّاءِ خَاصَّةً. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَلَيْسَ هَذَا عِنْدَنَا كَذَلِكَ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَقُلْ: إنَّهُ خَاصٌّ بِالدُّبَّاءِ، فَلَا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَقُولَهُ، لَكِنْ نَقُولُ: إنَّ هَذَا الْخَبَرَ مُوَافِقٌ لِمَعْهُودِ الْأَصْلِ، وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ بِلَا شَكٍّ مُبَاحًا قَبْلَ أَنْ يَقُولَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «كُلْ مِمَّا يَلِيَكَ» فَهُوَ مَنْسُوخٌ بِيَقِينٍ بِأَمْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالْأَكْلِ مِمَّا يَلِي الْآكِلَ، وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ الْمَنْسُوخَ عَادَ مُبَاحًا لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبُرْهَانٍ لِأَنَّهُ دَعْوَى بِلَا دَلِيلٍ. وَأَيْضًا فَإِنَّ هَذَا الْخَبَرَ لَمَّا تَدَبَّرْنَاهُ وَجَدْنَاهُ لَيْسَ فِيهِ أَلْبَتَّةَ لَا نَصٌّ وَلَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>