للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَخَذَ الدُّبَّاءَ مِمَّا لَا يَلِيهِ وَمَنْ ادَّعَى هَذَا فَقَدْ ادَّعَى الْبَاطِلَ وَقَالَ مَا لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ. وَقَدْ يَكُونُ الدُّبَّاءُ فِي نَوَاحِي الصَّحْفَةِ مِمَّا يَلِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ فَيَتَتَبَّعُهُ مِمَّا يَلِيهِ فِي كُلِّ ذَلِكَ، وَهَذَا الَّذِي لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْمِلَ الْخَبَرَ عَلَى مَا سِوَاهُ.

إذْ لَيْسَ فِيهِ مَا يَظُنُّ الْمُخَالِفُ أَصْلًا -: فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. فَإِذَا أَخَذَ الْمَرْءُ الشَّيْءَ مِمَّا لَا يَلِيهِ ثُمَّ جَعَلَهُ أَمَامَهُ فَإِنَّمَا نَهَى عَنْ أَنْ يَأْكُلَ مِمَّا لَا يَلِيهِ، وَهَذَا لَمْ يَأْكُلْ مِمَّا لَا يَلِيهِ فَإِذَا صَارَ أَمَامَهُ فَلَهُ أَكْلُهُ حِينَئِذٍ، لِأَنَّهُ مِمَّا يَلِيهِ - وَقَدْ اجْتَرَّ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ الضَّبَّ مِنْ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَكَلَهُ وَلَمْ يُنْكِرْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ - وَسَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَابِ الضَّبِّ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ مَنْ أَكَلَ وَحْدَهُ فَلَا يَأْكُلُ إلَّا مِمَّا يَلِيهِ]

١٠٢٢ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ أَكَلَ وَحْدَهُ فَلَا يَأْكُلُ إلَّا مِمَّا يَلِيهِ لِمَا ذَكَرْنَا آنِفًا فَإِنْ أَدَارَ الصَّحْفَةَ فَلَهُ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَمْ يُنْهَ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ لِغَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُدِيرَ الصَّحْفَةَ لِأَنَّ وَاضِعَهَا أَمْلَكُ بِوَضْعِهَا، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ إدَارَتَهَا إنَّمَا جَعَلَ لَهُ الْأَكْلَ مِمَّا يَلِيهِ فَقَطْ، فَإِنْ كَانَتْ الْقَصْعَةُ وَالطَّعَامُ لَهُ فَلَهُ أَنْ يُدِيرَهَا كَمَا يَشَاءُ، وَأَنْ يَرْفَعَهَا إذَا شَاءَ؛ لِأَنَّهُ مَالُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ إلَّا مِمَّا يَلِيهِ، لِأَنَّ أَمْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ عُمُومٌ.

وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: ٦] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: ٣٦] .

[مَسْأَلَةٌ تَسْمِيَةُ اللَّهِ تَعَالَى فَرْضٌ عَلَى كُلِّ آكِلٍ عِنْدَ ابْتِدَاءِ أَكْلِهِ]

١٠٢٣ - مَسْأَلَةٌ: وَتَسْمِيَةُ اللَّهِ تَعَالَى فَرْضٌ عَلَى كُلِّ آكِلٍ عِنْدَ ابْتِدَاءِ أَكْلِهِ وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْكُلَ بِشِمَالِهِ إلَّا أَنْ لَا يَقْدِرَ فَيَأْكُلَ بِشِمَالِهِ لِأَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ الَّذِي ذَكَرْنَا آنِفًا بِالتَّسْمِيَةِ وَالْأَكْلِ بِالْيَمِينِ. وَمِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَأْكُلُوا بِالشِّمَالِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِالشِّمَالِ» وَهَذَا عُمُومٌ فِي النَّهْيِ عَنْ شِمَالِهِ وَشِمَالِ غَيْرِهِ فَإِنْ عَجَزَ فَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] . وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» .

وَمَنْ تَحَكَّمَ فَجَعَلَ بَعْضَ الْأَوَامِرِ فَرْضًا وَبَعْضَهَا نَدْبًا فَقَدْ قَالَ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ مَا لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>