للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا مِمَّا خَالَفُوا فِيهِ طَائِفَةً مِنْ الصَّحَابَةِ لَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنْهُمْ وَخَالَفُوا فِيهِ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ. وَقَوْلُنَا هُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَصْحَابِهِمْ.

وَأَمَّا الْمَجُوسُ: فَقَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الْجِهَادِ أَنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ فَحُكْمُهُمْ كَحُكْمِ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي كُلِّ ذَلِكَ: فَإِنْ ذَكَرُوا: مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ الْجَدَلِيِّ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ «كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى مَجُوسٍ مِنْ أَهْلِ هَجَرَ يَدْعُوهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ فَمَنْ أَسْلَمَ قُبِلَ مِنْهُ وَمَنْ لَمْ يُسْلِمْ ضُرِبَتْ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ وَلَا تُؤْكَلُ لَهُمْ ذَبِيحَةٌ وَلَا تُنْكَحُ مِنْهُمْ امْرَأَةٌ» فَهَذَا مُرْسَلٌ وَلَا حُجَّةَ فِي مُرْسَلٍ. نا حُمَامٌ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَاجِيَّ نا أَحْمَدُ بْنُ مُسْلِمٍ نا أَبُو ثَوْرٍ إبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ نَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ مَرِيضٍ أَمَرَ مَجُوسِيًّا أَنْ يَذْبَحَ وَيُسَمِّيَ، فَفَعَلَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ - وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ، وَأَبِي ثَوْرٍ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَمْ يُفْسِحْ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْ غَيْرِ كِتَابِيٍّ، وَأَخَذَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْمَجُوسِ وَمَا كَانَ لِيُخَالِفَ أَمْرَ رَبِّهِ تَعَالَى. فَإِنْ ذَكَرُوا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ} [الأنعام: ١٥٦] . قُلْنَا: إنَّمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا بِنَصِّ الْآيَةِ نَهْيًا عَنْ هَذَا الْقَوْلِ لَا تَصْحِيحًا لَهُ؛ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَرُسُلا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ} [النساء: ١٦٤] .

[مَسْأَلَةٌ أَكْلُ مَا ذَكَّاهُ غَيْرُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ]

١٠٦٠ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ أَكْلُ مَا ذَكَّاهُ غَيْرُ الْيَهُودِيِّ، وَالنَّصْرَانِيِّ، وَالْمَجُوسِيِّ، وَلَا مَا ذَكَّاهُ مُرْتَدٌّ إلَى دِينٍ كِتَابِيٍّ أَوْ غَيْرِ كِتَابِيٍّ، وَلَا مَا ذَكَّاهُ مَنْ انْتَقَلَ مِنْ دِينٍ كِتَابِيٍّ إلَى دِينٍ كِتَابِيٍّ، وَلَا مَا ذَكَّاهُ مَنْ دَخَلَ فِي دِينٍ كِتَابِيٍّ بَعْدَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُبِحْ لَنَا إلَّا مَا ذَكَّيْنَاهُ أَوْ ذَكَّاهُ الْكِتَابِيُّ كَمَا قَدَّمْنَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>