للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ قَالَ: إنْ ابْتَعْت عَبْدَ فُلَانٍ فَهُوَ حُرٌّ، أَوْ إنْ ابْتَعْت دَارَ فُلَانٍ فَهِيَ صَدَقَةٌ، ثُمَّ ابْتَاعَ كُلَّ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ عِتْقٌ وَلَا صَدَقَةٌ -: لِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ نا إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ هُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ - نا أَيُّوبُ هُوَ السِّخْتِيَانِيُّ - عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ» .

وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد السِّجِسْتَانِيِّ نا دَاوُد بْنُ رَشِيدٍ نا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ حَدَّثَنِي أَبُو قِلَابَةَ نا ثَابِتُ بْنُ الضَّحَّاكِ - هُوَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ - «أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - نَذَرَ أَنْ يَنْحَرَ إبِلًا بِبُوَانَةَ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إنِّي نَذَرْت أَنْ أَنْحَرَ إبِلًا بِبُوَانَةَ؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - هَلْ كَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ الْجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: هَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ؟ قَالُوا: لَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: أَوْفِ بِنَذْرِكَ فَإِنَّهُ لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ» فَفِي هَذَا الْخَبَرِ نَصُّ مَا قُلْنَا: مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمَرْءَ وَفَاءُ نَذْرِهِ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ، وَفِيهِ إيجَابُ الْوَفَاءِ بِنَذْرِ نَحْرِ الْإِبِلِ فِي غَيْرِ مَكَّةَ - وَهُوَ قَوْلُنَا - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

وَقَالَ النَّاسُ فِي هَذَا: أَقْوَالًا: فَاخْتَلَفُوا فِي رَجُلٍ قَالَ: إنْ بِعْت عَبْدِي هَذَا فَهُوَ حُرٌّ وَقَالَ آخَرُ: إنْ اشْتَرَيْته مِنْك فَهُوَ حُرٌّ، ثُمَّ بَاعَهُ مِنْهُ؟ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ، وَعَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ الْمَاجِشُونِ قَالَا: يُعْتَقُ عَلَى الْمُشْتَرِي، لَا عَلَى الْبَائِعِ.

وَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ: يُعْتَقُ عَلَى الْبَائِعِ لَا عَلَى الْمُشْتَرِي.

وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: لَا يُعْتَقُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا - وَهُوَ الْحَقُّ لِمَا ذَكَرْنَا - وَالْمَذْكُورُونَ قَبْلُ قَدْ نَقَضَتْ كُلُّ طَائِفَةٍ أَصْلَهَا؛ لِأَنَّهُمْ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ مَنْ قَالَ: إنْ بِعْت عَبْدِي فَهُوَ حُرٌّ، فَبَاعَهُ: أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَعَلَى أَنَّهُ إنْ قَالَ: إنْ اشْتَرَيْت عَبْدَ فُلَانٍ فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ، فَإِنَّهُ حُرٌّ - فَمِنْ أَيْنَ غَلَّبَتْ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنْهُمَا فِي اجْتِمَاعِهِمَا فِي بَيْعِهِ وَابْتِيَاعِهِ أَحَدَ النَّاذِرَيْنِ عَلَى الْآخَرِ؟ فَكَانَ الْأَوْلَى بِهِمْ أَنْ يُعْتِقُوهُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا، فَهَذَا نَقْضٌ وَاحِدٌ.

وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ: يُعْتَقُ عَلَى الْبَائِعِ - فَخَطَأٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ بَاعَهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>