للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: نَذَرْتُ نَذْرًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ أَسْلَمْتُ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَنِي أَنْ أُوَفِّيَ بِنَذْرِي» .

فَهَذَا حُكْمٌ لَا يَسَعُ أَحَدًا الْخُرُوجُ عَنْهُ.

وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَلْزَمُهُ - وَاحْتَجَّ لَهُ مُقَلِّدُوهُ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: ٦٥] وقَوْله تَعَالَى {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: ٢٣] .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي هَذَا؛ لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ إنَّمَا نَزَلَ فِيمَنْ مَاتَ كَافِرًا بِنَصِّ كُلِّ آيَةٍ مِنْهُمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} [البقرة: ٢١٧] .

ثُمَّ هُمْ أَوَّلُ مَنْ يَنْقُضُ هَذِهِ الْحُجَّةَ فَيُجِيزُونَ: بَيْعَهُمْ، وَابْتِيَاعَهُمْ، وَنِكَاحَهُمْ، وَهِبَاتِهِمْ، وَصَدَقَاتِهِمْ، وَعِتْقَهُمْ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ نا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَةُ بْنُ أَثَالٍ سَيِّدُ أَهْلِ الْيَمَامَةِ فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَفِيهِ أَنَّ ثُمَامَةَ أَسْلَمَ بَعْدَ أَنْ أَطْلَقَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، وَاَللَّهِ مَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ دِينٍ أَبْغَضُ إلَيَّ مِنْ دِينِكَ، فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ كُلِّهِ إلَيَّ وَاَللَّهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضُ إلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلَادِ كُلِّهَا إلَيَّ وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي، وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ فَمَاذَا تَرَى؟ فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ» .

فَهَذَا كَافِرٌ خَرَجَ يُرِيدُ الْعُمْرَةَ فَأَسْلَمَ فَأَمَرَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِإِتْمَامِ نِيَّتِهِ.

وَرُوِّينَا عَنْ طَاوُسٍ مَنْ نَذَرَ فِي كُفْرِهِ، ثُمَّ أَسْلَمَ فَلْيُوَفِّ بِنَذْرِهِ - وَعَنْ الْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ نَحْوُهُ - وَبِهَذَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابُهُمَا.

[مَسْأَلَةٌ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ يَقْدُمُ فِيهِ فُلَانٌ]

١١٢١ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ نَذَرَ لِلَّهِ صَوْمَ يَوْمٍ يَقْدُمُ فِيهِ فُلَانٌ، أَوْ يَوْمٍ يَبْرَأُ أَوْ يَنْطَلِقُ فَكَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>