للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ، لِأَنَّ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ تَعَالَى يُسْقِطُهَا الِاسْتِثْنَاءُ وَيُسْقِطُهَا الْكَفَّارَةُ، وَالْيَمِينُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى أَجَلُّ مِنْ أَنْ يُسْقِطَهَا الِاسْتِثْنَاءُ وَمِنْ أَنْ يُسْقِطَهَا الْكَفَّارَةُ، وَمِنْ أَنْ يَكُونَ فِيهَا غَيْرُ الْوَفَاءِ بِهَا.

وَنَحْنُ نَبْرَأُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ هَذَا الْقَوْلِ الْبَشِيعِ الشَّنِيعِ، وَالْكَفَّارَةُ فِي نَصِّ الْقُرْآنِ جَاءَتْ عَلَى الْأَيْمَانِ جُمْلَةً، وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي بَيَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَاءَ فِي جُمْلَةٍ، فَإِنْ كَانَ تِلْكَ أَيْمَانًا فَالِاسْتِثْنَاءُ وَالْكَفَّارَةُ فِيهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَيْمَانًا فَمِنْ أَيْنَ أَلْزَمُوهَا؟ وَعَجَبٌ آخَرُ عَجِيبٌ جِدًّا وَهُوَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ: إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي الْأَيْمَانِ إنْ نَوَى بِهِ الْحَالِفُ الِاسْتِثْنَاءَ فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ صَحِيحٌ، فَإِنْ نَوَى بِهِ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} [الكهف: ٢٣] {إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: ٢٤] لَمْ يَكُنْ اسْتِثْنَاءً.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا كَلَامٌ لَا يُدْرَى مَا هُوَ؟ وَلَا مَاذَا أَرَادَ قَائِلُهُ بِهِ، وَلَقَدْ رُمْنَا أَنْ نَجِدَ عِنْدَ مَنْ أَخَذْنَا قَوْلَهُ عَنْهُ مِنْ الْمُنْتَمِينَ إلَيْهِ مَعْنًى يَصِحُّ فَهْمُهُ لِهَذَا الْكَلَامِ، فَمَا وَجَدْنَاهُ إلَّا أَنَّهُمْ يَحْمِلُونَهُ كَمَا جَاءَ وَكَمَا نَقُولُ نَحْنُ فِي {كهيعص} [مريم: ١] وَ {طه} [طه: ١] {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران: ٧] ، وَإِنْ لَمْ نَفْهَمْ مَعْنَاهُ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَإِنْ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ بِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد نا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ نا ابْنُ بِشْرٍ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ [عَنْ عِكْرِمَةَ] يَرْفَعُهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا ثُمَّ قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا، ثُمَّ سَكَتَ، ثُمَّ قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ» قَالَ أَبُو دَاوُد: وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ شَرِيكٍ، " ثُمَّ لَمْ يَغْزُهُمْ ".

وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ شَرِيكٍ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ، وَأَسْنَدَهُ جَمَاعَةٌ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: سِمَاكٌ ضَعِيفٌ يَقْبَلُ التَّلْقِينَ وَيَلْزَمُ مَنْ اعْتَدَّ بِرِوَايَتِهِ فِي أَخْذِ الدَّنَانِيرِ مِنْ الدَّرَاهِمِ، وَالدَّرَاهِمِ مِنْ الدَّنَانِيرِ أَنْ يَأْخُذَ بِهَا هَهُنَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>